هكذا تختصر مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية” الصورة السياسية العامة في البلاد. غير أنها تدعو في المقابل إلى ربط كل هذه الأحداث بالمواقف التي سجلت في الأيام الأخيرة.
وفي محاولة لشرح وجهة النظر هذه، تلفت المصادر إلى ما يمكن تسميته “أمرا غريبا”، حيث أن التصعيد الميداني أتى من جانب القيمين على حكومة الرئيس حسان دياب ورعاتها الأساسيين، كحزب الله وحركة أمل، في خطوة لا يمكن فهمها إلا على أنها رسالة مباشرة إلى المجتمع الدولي يحاول فيها حزب الله تأكيد امتلاكه الورقة اللبنانية، في كل مفاصلها، في زمن العقوبات المشددة ضد أركان محور الممانعة والمقاومة.
لكن المصادر تلفت إلى ما قد لا يكون الحزب حسب له حسابا، يكمن في أن هذا التطور المباغت انعكس انقساما في أوساط الشارع المؤيد للحكومة، معطوفا على المواجهة المفتوحة أصلا مع الأطراف المعارضة التي آثرت البقاء خارج النادي الوزاري والثورة. وهو ما قد يعني أن الحكومة تلقت ضربة جديدة من رعاتها، فيما هي في عين عاصفة من المواقف المحلية والدولية المنتقدة لخياراتها، خصوصا في ما يتعلق بقطاع الكهرباء والبطء غير المبرر في انجاز الاصلاحات المطلوبة دوليا.
من هذه الزاوية، تفسر المصادر مسارعة الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله إلى نفي أي توجه إلى إسقاط الحكومة أو إجراء أي تبديل في صفوفها، في وقت بادر نائبه الشيخ نعيم قاسم إلى تأكيد أن الحزب ليس في وارد الاجهاز على الطائف والمطالبة بإقامة مؤتمر تأسيسي، في ما يمكن اعتباره إشارة ايجابية في اتجاه الطائفة السنية، التي تشعر الغالبية الساحقة منها بالغبن، بفعل ابتعاد تيار المستقبل وزعيمه سعد الحريري عن دوائر القرار الرسمي.
وبينما رد دياب في خطاب متلفز، السبت الفائت، مستفيدا من يقينه بأن أحدا لن يخاطر بقذف حكومته إلى المجهول، ترجح المصادر أن يكون رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد تلقف هو أيضا ما وراء رسائل التصعيد الميداني، وعودة الحياة إلى شرايين الثورة، ليؤكد مرجعيته وحضوره الفاعل غير القابل للتجاوز، فبادر إلى الدعوة إلى حوار بعبدا في 25 الجاري.