باسيل أنتظر ثلاث سنوات ونصف السنة من عمر العهد حتى يقتنع أن رئاسة الجمهورية ليست “أكلة فايتة”، وأعلن أنه لم يعد يريد أن يصبح رئيسًا للجمهورية لأنه يريد أن يحارب الفساد. السامعون الصوت لم يفهموا كثيرًا الرابط بين الأمرين. فإذا كان أي سياسي يسعى إلى رئاسة الجمهورية فهل هذا يعني أن عليه أن يغضّ الطرف عن الفساد والفاسدين، وبالتالي هل ينطبق هذا الشيء على العهد الحالي؟
يبدو أن نصيحة البعض لباسيل بأن “يروقّها” و”يطرّيها” قليلًا إذا كان يفكر جديًّا برئاسة الجمهورية لم تدم مفاعيلها طويلًا، فقرر أن يتحرّر من “عقدة الرئاسة”، التي كانت تكبله بقيود مكلفة، وأن يخلع قفازاته ويعود إلى “طبيعته” الهجومية، وقد شهدناه بالأمس متحرّرا من كل القيود، وعاد بعقارب الزمن إلى الوراء، وقرر أن يلعب لعبة “أنا أعمى ما بشوف أنا ضرّاب السيوف”.
أول من تشظّى من “رشقات” باسيل هو حليفه “حزب الله”، فجاء كلامه عن الشرق بعد أيام على تلويح السيد حسن نصرالله بالتوجه شرقاً، وقال باسيل إن إنهاء خيار “صندوق النقد الدولي” “يعني أننا سنضطر للتوجه للشرق”، وتساءل: “من قال إن هذا هو خيارنا؟ هذا لا يكون إلا إذا فرض علينا ولم يبقَ لنا خيار. هذا لا يعني أننا لا نريد أن نتعامل مع الشرق ونبقي على تعامل أوحد مع الغرب! ولكن أيضاً لا نريد بخيارنا إدارة ظهرنا للغرب”. وقال: “لبنان بلد التلاقي والانفتاح والتوازن، ونحن نريده أن يبقى كذلك بتوازناته الداخلية والخارجية؛ نريده مزروعاً في شرقه ومتفاعلاً مع محيطه القريب والبعيد بالكامل، ولكن وجهه باتجاه الغرب».
وفي موضوع قانون “قيصر”، أكد باسيل “أننا لا نريد المواجهة مع أميركا، لا بل نريد أن نحافظ على الصداقة مع أميركا”.
وفي رأي بعض المصادر، التي أزعجها هذا النوع من الكلام، أنه لو أراد أحد من قوى الرابع عشر من آذار الردّ على نصرالله لما كان أصاب كما أصاب باسيل حليفه بالصميم، وهذا الأمر قد يترك إنعكاسات سلبية لدى حارة حريك، التي يقول مقربون منها إنها “طولّت بالها” كثيرًا، وذلك حرصًا منها على العلاقة الوطيدة التي تجمعها مع رئيس الجمهورية، وهي ستحاول إستيعاب “غضب” باسيل وعدم صب الزيت على النار وترك الأمور تأخذ مجراها وتهدأ، لأن ثمة أولويات تقتضي “التطنيش” في هذه المرحلة بالذات.