بعيداً عن رسالة الحزب المباشرة والذي قد تفهمها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية دون غيرها، يمكن استخلاص عدة رسائل وأهداف اراد الحزب إيصالها وتحقيقها من خلال فيديو الثواني الـ39.
لا يبدو “حزب الله” مهتماً بالتصعيد مع اسرائيل لأسباب كثيرة، اولها رغبة سائدة عند كل دول وفصائل محور الممانعة بتمرير الإنسحاب الأميركي من سوريا والعراق من دون تصعيد، اذ من المتوقع حصول هذا الإنسحاب في الاشهر القليلة المقبلة، في حين ان هناك مخاوف من ان تستغل تل أبيب هذه المرحلة للاستفادة من الوجود الاميركي في المنطقة للقيام بعمليات كبرى واستثنائية. من هنا، وكي لا يكون “حزب الله” مضطراً للرد وتالياً اشعال الجبهة مع اسرائيل وتوتير الأجواء وعرقلة الإنسحاب الأميركي، فهو حاول القول أولا ان لديه قوة قادرة على إيلام إسرائيل في حال تخطت قواعد الإشتباك، وثانياً حاول تعميق النقاش في إسرائل حول فاعلية عمليات القصف التي تستهدف القوافل العسكرية في سوريا، خصوصاً انها لم تستطع عرقلة وصول السلاح الدقيق الى “حزب الله”، هكذا يحاول الحزب زيادة التردد في تل ابيب حول تنفيذ ضربات قاسية في سوريا.
الرسالة الثانية التي قد يكون الحزب قصد ايصالها من الفيديو، مرتبطة بخطاب نصرالله الأخير، الذي تحدث خلاله عن معادلة يمتلكها الحزب في حال وُضع اللبنانيون بين الجوع وتسليم السلاح، وقال أن من “يخيرنا بين القتل بالسلاح وبين القتل بالجوع نقول له سيبقى سلاحنا في ايدينا ولن نجوع ونحن رح نقتلك”، هكذا من الممكن ان يكون الحزب أراد تصويب وتحديد مقاصد نصرالله في الخطاب وإظهار التهديد بأنه مرتبط بإسرائيل، اي ان أي ضرب للأمن العذائي للبنان سيؤدي الى حرب مع إسرائيل، خصوصاً ان في عقل الحزب العميق قناعة تقول بأن نقطة الضعف الأميركية شبه الوحيدة في المنطقة – ضمن التوازنات الحالية- هي اسرائيل، وبالتالي يمكن الرد على الحصار الأميركي بضرب اسرائيل.
الرسالة الثالثة قد تكون مرتبطاً حصراً بموضوع الصواريخ الدقيقة، اذ ان الحزب قد يكون قد نشر هذا الفيديو ليعلن، وان بطريقة فيها مواربة، عن إتمام مشروعه للصواريخ الدقيقة، وان هذه الصواريخ، كما ظهر في الفيديو، معدّة ومحصنة، كما تحصن مثيلاتها في إيران تحت الأرض، وفي منصات تعتمد منظومة سريعة للإطلاق، اضافة الى حجم الصواريخ وطولها الذي ظهر والذي قد يؤدي الى معرفة نوعيتها بشكل محدد لدى الجهات المختصة في تل أبيب.
الرسالة الرابعة، والتي ألمحت إليها احدى وسائل الإعلام الإسرائيلية، مرتبطة بنوعية الأهداف في اسرائيل التي صوّب عليها الحزب في الفيديو، وهي: جناح الصناعات الجيوفضائية في حرم مطار بن غوريون، أنظمة الصناعات العسكرية في هشارون قرب هرتسيليا، مقر الصناعات الجيوفضائية في منطقة “يهود” الصناعية، قاعدة بيت العزاري للجيش الاسرائيلي، قاعدة معلول لسلاح الجو الاسرائيلي، مركز رفايل للصناعات العسكرية قرب “سخنين”.