بيروت لم تعد للفقراء… النزوح العكسي يفرغ المدينة من سكانها

22 يونيو 2020
بيروت لم تعد للفقراء… النزوح العكسي يفرغ المدينة من سكانها

كتبت ايناس شري في “الشرق الأوسط” بداية العام الحالي وبسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، اضطر اللبناني “فؤاد” (56 عاماً) لإقفال متجره الذي كان مصدر رزقه الوحيد في بيروت. ولأنه لم يعد يتحمّل دفع إيجار منزله في الضاحية الجنوبية للعاصمة، قرّر الانتقال إلى خارجها، والتوجه جنوباً حيث استأجر منزلاً بنصف إيجار المنزل الذي كان يستأجره في العاصمة.

“الحياة هنا أقل كلفة، وكلّ شيء متوافر، العاصمة لم تعد للفقراء”، يقول فؤاد لـ”الشرق الأوسط”، مضيفاً أنّه حتى لو اضطر ابنه الذي يعيش معه للعمل في بيروت، أي التوجه يومياً إلى العاصمة، يبقى الأمر أقل كلفة، هذا طبعاً مع احتمال أن يجد ابنه عملاً في مكان قريب من المنزل في الجنوب، فهو أستاذ للصفوف المدرسية العليا وهناك الكثير من المدارس في المنطقة.
فؤاد وعائلته ليسا حالة فردية، فالكثير من العائلات وبعدما لجأت إلى قراها بسبب “كورونا” وما تبعه من حال تعبئة عامة، أصبحت بيوت القرى بالنسبة إليها أكثر راحة لما توفره من مساحات أوسع، فقرّرت الاستقرار فيها وترك العاصمة نهائياً في هجرة معاكسة، تماماً كما تخطّط عائلة محمود نجم. نجم وفي حديث لـ”الشرق الأوسط” أوضح أنّ عائلته التي انتقلت من بيروت إلى القرية بسبب الأوضاع الاقتصادية وحال التعبئة العامة التي اضطرت والده للعمل يومين فقط في الأسبوع، باتت تفكّر جدياً بالاستقرار في القرية على الرغم من أنّ منزلها في بيروت ملك لها، أي أنها لا تضطر لدفع الإيجار، إلّا أن كلفة المعيشة في القرية تبقى أقل بكثير. وبدأت حالة النزوح العكسي أي من العاصمة إلى القرى مع احتجاجات 17 تشرين الأول الماضي، ولكن الأمر لم يكن بهدف الاستقرار هناك، نظراً لارتباط الناس بالمدارس والوظائف، ولكن مع إعلان حال التعبئة العامة بسبب “كورونا” ومن ثم إنهاء العام الدراسي ومع ما رافق ذلك من خسارة العديد لوظائفهم أو تحولهم للعمل من المنزل، تحوّل ما كان مؤقتاً إلى دائم بالنسبة للكثير من المواطنين، حسبما رأى خالد ترمس صاحب “ترمس غروب العقارية”.
وقال ترمس لـ”الشرق الأوسط” إنّ الطلب على الإيجارات وبيع الشقق في بيروت قلّ خلال الفترة الماضية بشكل كبير وبنسبة تصل إلى 80%، وفي المقابل زاد بشكل لافت الطلب على الإيجارات والشراء خارج العاصمة جنوباً أو جبلاً أو شمالاً.
وشرّح ترمس في حديث إلى “الشرق الأوسط” أنّ هذا الأمر أثّر بطبيعة الحال على أسعار العقارات استئجاراً وبيعاً، فإيجارات المنازل في بيروت انخفضت بطريقة غير مباشرة، إذ أصبح المستأجر يدفع بالليرة اللبنانية (التي انهار سعرها مقابل الدولار ليبلغ في السوق السوداء 5 آلاف ليرة فيما سعره الرسمي 1515 ليرة)، أو بطريقة مباشرة إذ اضطر عدد من أصحاب الشقق إلى خفض الإيجار ولو بنسبة لا تزال قليلة بسبب الطلب الذي بات قليلاً جداً مقارنةً بالعرض، فلم يعد باستطاعة صاحب الملك فرض شروطه كالسابق على المستأجر. وفي مقابل انخفاض الإيجارات في بيروت، شهدت إيجارات الشقق خارجها ارتفاعاً ملحوظاً، ويشير ترمس إلى أنّ هذ الارتفاع لا يزال بسيطاً. ففي الأرياف مثلاً، ارتفعت إيجارات الشقق من 300 ألف ليرة (200 دولار على سعر الصرف الرسمي) إلى 350 ألفاً.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا