قرار حزب الله: إسكات متمردي ولن يسمح بتشكيل جبهات معارضة له..لا سياسياً ولا شعبياً..!

وهذا يعني أن الضغط سيقابله مزيد من الضغط.

24 يونيو 2020
قرار حزب الله: إسكات متمردي ولن يسمح بتشكيل جبهات معارضة له..لا سياسياً ولا شعبياً..!
منير الربيع
منير الربيع

تحت عنوان قرار حزب الله: إسكات متمردي الداخل تحضيراً لحرب الخارج كتب منير الربيع في “المدن”عندما هدد أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله من يريد “تجويع شعبه ونزع سلاح حزبه” بتكرار كلمة: “سنقتله”، كان يتوجه مباشرة إلى الأميركيين والإسرائيليين.

إسكات قبل القتل
لكن التهديد ليس موجهاً إلى الخارج فقط، بل له تبعات داخلية قد لا تندرج في خانة التهديد بالقتل. وعلى المستوى الداخلي يمكن استبدال “سنقتله” بكلمة “سنسكته”. وهنا لا بد من العودة إلى مواقف سابقة لنصر الله عندما تحدث  قائلاً إن من يطعنون حزب الله وهم “بين ظهرانينا”، لا مجال لبروزهم في هذه المرحلة التي تقتضي اكتساح الساحة كلياً.

وكان حزب الله قد أبلغ الجميع علانية أن ما يطلبه الأميركي من الدولة اللبنانية، ستتصرف الحكومة عكسه: ومن التعيينات المالية واستثناء محمد بعاصيري، إلى عدم إقفال المعابر غير الشرعية، والتضييق على قوات اليونفيل “شعبياً” في مواجهة محاولة توسيع نطاق عملها أو صلاحياتها.. والملفات مفتوحة.

وجاء انشغال الجيش اللبناني في المناطق اللبنانية منذ ثورة 17 تشرين، فسُحبت ألويته من الجنوب لمواكبة التظاهرات وقطع الطرق. وهذا النقص في العديد العسكري جنوباً، يرد عليه الأميركيون بوجوب تعزيز وضع قوات اليونفيل أو تعزيز تجهيزاتها في عمليات المراقبة. وسيطور الأميركيون مطالباتهم هذه أكثر فأكثر.

سيد الدولة وقرارها
وعندما يبلّغ حزب الله الجميع بعدم امتثاله للمطالب الأميركية، يكون الوضع قد تجاوز المناورة، وبلغ المواجهة. ولم يعد من رهان على تنازل أميركي يسمح بتسرب بعض الأوكسيجين. وكلما اشتد الخناق، يتصاعد منسوب التوتر.

وطالما أن حزب الله قرر أنه سيد الدولة وقراراتها، وحامي الحكومة التي وصفها نصر الله بأنها حكومة حزبه ولن يسمح بإسقاطها، فهو حتماً لن يسمح بتشكيل جبهات معارضة له، لا سياسياً ولا شعبياً، ولا من خلال أصوات معارضة له شيعياً. بل سيعمد إلى كبتها كلها، وخصوصاً  الأصوات الشيعية، للتفرغ لمعركته الأساسية.

تخوين وترهيب
في هذا الإطار تأتي حملات تخوين الشيعة المعارضين لترهيبهم، ومن بينهم العلامة السيد علي الأمين، واتهامه بالعمالة. واتهام الأمين لا يعنيه وحده، بل الشيعة المعارضين جميعاً.

وطريقة الإدعاء على الأمين  تشي بكثرة من الرسائل السياسية البعيدة كل البعد عن المسار القضائي. فاللقاء الذي حضره الأمين موضوع الاتهام، كان حاضراً فيه السفير اللبناني في البحرين. أي أن الدولة اللبنانية ممثلة. وحضره أيضاً رجال دين لبنانيين من طوائف أخرى، فلم يدّعَ على غير الأمين في رسالة شيعية واضحة الأهداف.

التصعيد الذي يمارسه حزب الله يقابله تصعيد أميركي. فرفض تعيين بعاصيري نائباً لحاكم مصرف لبنان، تواجهه ضغوط لتعيينه في مناصب أخرى. والمعلومات تكشف أن الأميركيين ضغطوا في سبيل تعيين بعاصيري رئيساً للجنة التفاوض مع وزارة الخزانة الأميركية بشأن قانون قيصر. وهذا التعيين رد اعتبار للرجل وعدم التخلي عنه أميركياً. وقد يكون هذا مقدمة لطرح توليه مناصب أخرى في المستقبل، وزارية ربما.

وهذا يعني أن الضغط سيقابله مزيد من الضغط.

تأديب التمرد الفردي
شطر أساسي من خطوات حزب الله في الداخل هدفها تحضير البلاد إلى الأسوأ الآتي، في ظل تقديرات تشير إلى فقدان المواد الأساسية من الأسواق اللبنانية في الأشهر المقبلة. وهذا ما لن يسكت عنه حزب الله، لأنه عملية خنق مستمرة، وتستدعي منه ردّاً يندرج في خانة التهديد “سنقتله”.

واستمرار الضغط والخنق قد يدفعان حزب الله إلى خيار تصعيد عسكري ما، يتماشى مع التصعيد الإيراني في المنطقة، من العراق إلى اليمن، ولن يكون لبنان في منأى عنها. فلبنان ظل ساحة هادئة طوال سنوات فائتة. وقد تستخدم لحظة فقدان الأمل لتوجيه ضربات قاسية.

استعداداً لمثل هذه السيناريوهات، لا بد من “تأديب” الساحة الداخلية، على الرغم نجاح حزب الله في تطويع القوى السياسية، معارضة وموالية ووسطية.

لكن هذا لا يسكته عن بعض الناشطين أو الصحافيين أو المغردين المتمردين فردياً.

ثم تصعيد عسكري؟
وهذ ما يتطلبه التحضير لتصعيد، قد يكون عسكرياً وبعمليات نوعية، كإسقاط الطائرات المسيّرة، أو تسلل وخرق الحدود، أو استهداف صاروخي لمركز عسكري داخل إسرائيل. وهذا ما مثّل عليه الفيديو المسرب قبل أيام.

تصعيد حزب الله المتوقع يحاكيه الإسرائيليون باستنفار مقابل، وبإجراء المزيد من المناورات العسكرية المعقدة التي تحاكي احتمال حصول معركة عسكرية مع حزب الله في لبنان. والحرب التي لا يريدها أحد، قد تشعلها شرارة خاطئة، أو ضربة في مكان غير متوقع.