اولا: ان كثرة الطباخين تفسد الطبخة، وهذا ما يجري في لبنان، ذلك انه اضافة الى الحكومة التي قدمت خطتها وأرقامها، دخل مجلس النواب على الخط عبر ما سمي “لجنة تقصي الحقائق” التي بدت كأنها تعمل ضد الحكومة. اضافة الى محاولة مستشارين واداريين ايصال وجهات نظر مختلفة، والتشويش على الجهات الاخرى، ما يؤكد الانقسام في النظرة الى الامور، وغياب الرؤية الموحدة.
ثانيا: ان الارقام المتناقضة بين الحكومة ومجلس النواب ومصرف لبنان وجمعية المصارف، تظهر بوضوح الادارة المالية السيئة للبلاد، وغياب الشفافية، وعدم القدرة الحالية على ضبط المالية العامة، خصوصاً ان أرقام الحكومة بدت أقرب الى الواقع، وفي الغالب انها ستعتمد على مسودة العمل التي سيرفعها الفريق المفاوض الى ادارة الصندوق.
رابعا: ان ابعاد الحكومة جمعية المصارف عن المشاركة في اعداد خطتها المالية، ثم العودة عن هذا الخطأ متأخرة، يدفع الى تأخير محتوم في تنفيذ الخطط، واعتماد الرؤى الواضحة.
خامسا: ان الخلافات السياسية القائمة، والحملات الممنهجة بين أهل الحكم أنفسهم، واستقالة أحد المستشارين الاساسيين في التفاوض، يضعف الثقة في إمكان تطبيق خطط اصلاحية، كما صرح المستشار المستقيل هنري شاوول الذي عزا استقالته الى “عدم وجود نية لدى السياسيين للقيام بالإصلاحات”، واصفاً لبنان بالشخص “المصاب بالسرطان وتمّ تشخيص المرض من خلال الخطة، إلا أنه لم يبدأ بعد مسار العلاج، وكل يوم تأخير يزيد صعوبة شفائه”، معتبراً أن “هناك منظومة سياسية استقالت من مسؤولياتها”.
وأكد المصدر المتابع ان ممارسات جهات لبنانية تبدو كأنها تدفع صندوق النقد الى عدم التجاوب مع لبنان في اطار صراعها السياسي الذي سيتعكس سلبا على الجميع.
لجنة المال وصندوق النقد
وأمس عقدت لجنة المال والموازنة مع وفد صندوق النقد الدولي بالارتكاز إلى ما توصلت إليه لجنة تقصي الحقائق، فقد أكدت المصادر النيابية لـ”نداء الوطن” أنّ الاجتماع بحد ذاته “كان مهماً وبناءً لناحية شرح طريقة العمل التي اتبعتها اللجنة النيابية والمقاربات الجديدة التي اعتمدتها لتسهيل عملية تفاوض لبنان مع الصندوق”، مشيرةً إلى أنّ الاجتماع الذي عقد أمس “كان الأول والأخير بين اللجنة والوفد الدولي المفاوض لأنّ مهمة التفاوض مع صندوق النقد هي من مهام الحكومة“.
وعن مجريات الاجتماع، نقلت المصادر أنّ “أعضاء لجنة المال والموازنة شرحوا بأدق التفاصيل المعطيات المالية والاقتصادية لوفد صندوق النقد مع الإضاءة في الوقت عينه على وجود اعتراض لبناني كبير على طروحات الحكومة ومقارباتها لحلول الأزمة، وعلى كون الأحادية في القرار الحكومي لن توصل إلى أي مكان لأنّ مجلس النواب لن يمرّر خطة الحكومة من دون إدخال تعديلات عليها“.
ورداً على سؤال، جزمت المصادر النيابية بأنّ المفاوضات مع الصندوق الدولي “ستستغرق وقتاً طويلاً وستشهد الكثير من شد الحبال”، لكنها آثرت في المقابل مصارحة الرأي العام بالقول: لغاية اليوم الأمور مع الصندوق “مش سالكة”.