ما بعد بعد بعبدا.. هواجس ومخاوف!

25 يونيو 2020
ما بعد بعد بعبدا.. هواجس ومخاوف!

كتب جورج شاهين في “الجمهورية”: سيتحلّق جزء من القادة اللبنانيين قبل ظهر اليوم حول طاولة تحترم تداعيات “الكورونا” ليقولوا كلاماً ملّه اللبنانيون عن “العيش المشترك” ورفض “الفتنة المذهبية”. وان لامس البيان الختامي بعضاً من اوجاع اللبنانيين ومآسيهم المستعصية على الحلّ، فإنّ لا خلاف على انّ شعور معظم المجتمعين لا يختلف عمّا يختلج صدور المقاطعين. فالمرارة واحدة عند الحديث عن مرحلة ما بعد لقاء اليوم، بهواجسها ومخاوفها. كيف ولماذا؟

لا تترقّب المراجع السياسية والحزبية اي جديد من شكل ومضمون ونتائج “اللقاء الوطني” المزمع عقده اليوم في بعبدا. فعنصر المفاجأة مفقود الى ادنى درجات التوقعات. ذلك، وعلى رغم ما يمكن ان تحمله بعض الكلمات اللافتة التي ستخرق “آحادية خطاب” المجتمعين، فإنّ مسودة البيان الختامي الذي اعدّته دوائر القصر الجمهوري، بناءً على توجيهات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، له عنوان واحد، كشفت عنه رسالته الى المدعوين قبل اسبوع، والتي لفتت الى ضرورة السعي الى “وقف الفتنة والحفاظ على السلم الأهلي”، عقب التطورات الأمنية المقلقة التي شهدتها بيروت وضواحيها وطرابلس قبل أسبوعين.

لا يتوقف الأمر على ما سيكون عليه لقاء اليوم بمن حضر وكيفما حضروا، فأقصى أماني المنظمين تبخرّت، وباتوا راضين بالحد الأدنى منها. والخوف كل الخوف، بأنّه، وإن جاء بما يليق بمقام من جمعهم، فإنّ من الصعب ان ينالوا ثناء من غير اتباع الإنجيل والقرآن دون غيرهما من الكتب غير الدينية، لما سيحفل به البيان من “وصايا” و”آيات” حكيمة لا تغني فقيراً ولا تضيف دولاراً واحداً الى السوق المتعطش الى المليارات لتستقر حياة اللبنانيين.

والأدهى من كل ذلك، فقد عكست المواقف التي سبقت اللقاء معادلة لا نقاش فيها. فالمسؤولون يعيشون في وادٍ والمواطنون في وادٍ آخر. الأولون يتفرجون على الأزمات المتناسلة والمتشابكة، وعاجزون عن حلّ اي منها، ولا سيما منها تلك التي تقضّ مضاجع اللبنانيين من كل المناطق والفئات والطوائف، فيما اكثرية اللبنانيين تترقّب عدّادات الأسعار وترصد فقدان ما اعتادت على امتلاكه من مواد غذائية وكماليات، او انّها باتت بعيدة عنها ومكلفة الى حدود لا تُقاس بكل ما شهدته البلاد من قبل.

على هذه الخلفيات، لا يتوقف المراقبون امام ما هو متوقع من لقاء اليوم، بمقدار ما يترقبون مرحلة ما بعده، من دون اعتباره محطة اساسية او مفصلية في الحياة السياسية. فهو لن يغيّر في واقع الأمور شيئاً. ذلك انّ تأكيد اجماع اللبنانيين على رفض الفتنة المذهبية والإصرار على تجنّبها او درء مخاطرها على الأقل، هو عمل يومي لمعظمهم، ولا يحتاجون الى مؤتمر يجدّد لهم «فحوصهم»، بمقدار ما هم في حاجة الى ان تبقى العيون الأمنية المكلّفة أمن البلد، ساهرة على تقصّي محاولات اشعالها على يد فئات ومجموعات باتت اسماؤها على لوائحها ترصد حراكها بهدف منعها من تحقيق مبتغاها في اي لحظة من لحظات التخلّي.

ويضيف المراقبون، انّ ما يثير المخاوف والهواجس يتعلّق بما سيتسبّب به لقاء اليوم من انعكاسات في اكثر من شارع، وخصوصاً في الشارع السنّي تحديداً. ففي اعتقاد كثر من المراقبين الحياديين وبعض سعاة الخير، انّه كان من الضروري قراءة مقاطعة رؤساء الحكومات السابقين بلا “استخفاف”، وبعيون أخرى وبدرجة اعلى من الأهمية.