أميركا تكرّس معادلة: الجوع أو سلاح حزب الله

حال لبنان اليوم: مشرف على الموت، ولا من يفتديه

26 يونيو 2020
أميركا تكرّس معادلة: الجوع أو سلاح حزب الله
منير الربيع
منير الربيع

ورد في العهد القديم أن الخطيئة ثمنها الموت، وإذا لم يحظَ الخاطئ بمن يفتديه لا يمكنه أن يعيش.

موت الحكومة السريري
هذه حال لبنان اليوم: مشرف على الموت، ولا من يفتديه. وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو أعلن مجدداً شرط  بلاده لتفتدي لبنان: حكومة مستقلين لا يسيطر عليها حزب الله أو يقودها، لا بل لا علاقة لها به، وتبدأ بسلسلة إصلاحات جذرية تسمح لها بالدخول في مفاوضات جدية مع المجتمع الدولي للحصول على مساعدات.

ينطوي كلام بومبيو هذا على اعتبار الحكومة اللبنانية الحالية انتهت أميركياً ودولياً، ودخلت في موت سريري طويل. حتى الفرنسيون الذين كانوا يتحمسون لها ويدعمونها تغير موقفهم كثيراً، وأصبحت ملاحظاتهم عليها كبيرة جداً.

العهد ومأزقه الدولي 
لكن ما سيستجد في مرحلة لاحقة، سيتجاوز ضرورة سقوط الحكومة وتغييرها. ففي حال استقالتها مثلاً، لتصبح حكومة تصريف أعمال، ستتصدر رئاسة الجمهورية الواجهة: فإما أن توافق على تشكيل حكومة مستقلين لا يشارك فيها أي طرف سياسي، كما يريد الأميركيون والمجتمع الدولي، وإما يصبح المطلب السياسي رحيل رئيس الجمهورية.

يتخلل هذا المزيد من الضغوط الإقليمية والدولية على العهد الذي التحم بحزب الله التحاماً شديداً، وخسر آخر حراسه في الولايات المتحدة الأميركية: رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي أليوت أنغل، الذي خسر أمس في الانتخابات التمهيدية في الحزب الديموقراطي.

سقوط راعي العهد أميركياً
خسارة أليوت أنغل هي من أهم الأخبار في الولايات المتحدة الأميركية. وأبرز أسبابها الداخلية انتقام بيرني ساندرز من جو بايدن. وعلى الرغم من أن الديموقراطيين التقليديين دعموا أنغل، فهو لم يفز في الانتخابات.

ومن سخرية القدر أن أنغل – وهو أكبر داعمي إسرائيل في الكونغرس – هو أقرب صديق لجبران باسيل. ويمثل خط الدفاع الأمامي عن التيار العوني وخطه وتوجهاته. فهو أحد المشاركين في صياغة قانون قيصر، وكان من أكبر العاملين على قانون محاسبة سوريا، ودعا حينها العماد ميشال عون إلى الشهادة أمام الكونغرس. وتفيد معلومات أنه كان وراء عودة الفاخوري إلى لبنان، وعمل على إطلاق سراحه في ما بعد.

وخسارة أنغل تفقد عون وباسيل الكثير في الولايات المتحدة.

حصل هذا بالتزامن مع موقف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو المتجدد حول الوضع في لبنان. وهو لم يغير موقفه هذا الذي أعلنه يوم كان في زيارة إلى لبنان، وأطلقه من على منبر وزارة الخارجية.

لكن ما تغير هو الواقع اللبناني: تشكيل حكومة مكتملة الولاء لحزب الله، وبالتالي لا بد من انتظار المزيد من التدهور الاقتصادي، لأن منطق الاستقرار والحفاظ عليه قد سقط. وكلما اقترب موعد الانتخابات الأميركية فإن الإدارة ستظهر تشدداً أكبر مع إيران ومع حزب الله.

سياسات الخراب
لا شيء بلا ثمن. والثمن إما أن يستمر لبنان في انهياره حتى يضمحل ويتحلل، وإما أن يكون سلاح حزب الله هو الثمن، وإما التوافق والتسوية على سلاح حزب الله في مقابل ترسيم الحدود وتكريس الهدوء. وقد تصل واشنطن إلى تخيير اللبنانيين بين الجوع أو سلاح حزب الله. وهذه معادلة واضحة أعلنها حسن نصر الله استباقياً، فقال: من يريد أن يجوعنا سنقتله.

حتى الآن ليس من الواضح من الذي سيفتدي لبنان. وربما سيكون بصيغته التاريخية رهين سياسات الخراب والتفكك والتحلل التي تتقدم في المنطقة كلها. فيتلاقى في النهاية مع تكريس “إسرائيليات” متعددة على حدّ تعبير الرئيس نبيه برّي.