تقول المقالة إن المنظمات المصنفة على لائحة الإرهاب، لطالما عجزت من تمويل نفسها من العملات المشفرة. ولكن يبدو أن جولة العقوبات الأميركية على حزب الله، إضافة إلى قانون قيصر الذي استهدف النظام السوري ومحور داعميه، سيقلب مقاييس عالم العملة الرقميّة لصالح أعداء أميركا.
في أخر خطاب للسيد حسن نصرالله، أشار فيه إلى أن العقوبات الأميركية هدفها تجويع مواطني محور الممانعة، ما زاد من الإقبال على الدولار في السوق السوداء. وأشار نصرالله إلى أن الأميركيين سيضاعفون الضغط على المصارف، لتجفيف مصادر الدولارات في أيدي المواطنين.
حزب الله زالعملات الرقمية
كتبت التحقيق الصحافية لاي كوين، البارزة في تغطية قضايا الحكومات والمنظمات السياسية والمال الرقمي. ويكشف تحقيقها عن وجود أدلة بحوزة الأميركيين عن نشاط بعض حسابات حركة حماس، ولكن هذه الحسابات تستخدم كميات صغيرة من البيتكوين.
ويرجح التحقيق أن حزب الله من أكثر المستفيدين من استخدام العملات الرقميّة، في ضوء صدور تصريحات من مسؤوليين ايرانيين مهتمين بهذه العملة، إضافة إلى أن الأزمة المالية التي تعصف بلبنان، أسهمت في ارتفاع حاد في إقبال الناس على امتلاك العملات المشفرة.
ويشير التحقيق إلى أن السمة اللامركزية للبيتكوين ستسمح لحزب الله بإدارة شؤونه المالية ودعم مناصريه بطريقة مالية لا يمكن رصدها. وكذلك سينجذب المسيحيون اللبنانيون المتخوفون من العقوبات الأميركية إلى البيتكوين.
إيران والتنقيب الرقمي
وكان النائب الإيراني محمد حسين فرهاني، قد دعا محافظ البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همماتي، إلى إنشاء بنك مركزي للعملة الرقمية الافتراضية (بيتكوين). وطلب فرهاني من همماتي أن يأخذ الاقتراح على محمل الجد، لضرورة “إدارة العملة الرقميّة بشكل سليم”، لما لها من فوائد اقتصادية على البلد.
وتسعى إيران إلى ابتكار “منجم للتنقيب الرقمي”، لفك شفيرات العملات الرقمية. وذلك وفق معادلات رياضية الكترونية. ففي شهر أيار المنصرم منحت الحكومة الإيرانية أول تصريح قانوني للشركة التركية iMiner لإنجاز “منجم للتنقيب الرقمي” داخل الأراضي الإيرانية. وقد تمكنت الشركة التركيّة بمساعدة وزارة الصناعة وبتمويل يقدر بـ7.3 مليون دولار، من تشغيل حوالى 6000 “جي بي يو” للتنقيب عن عملة البيتكوين في مدينة سمنان.
وحاليًا تمتلك إيران نسبة 4 في المئة من إجمالي التجزئة في عملة البيتكوين. وتُعد إيران مكاناً ممتازاً للتنقيب الرقمي، خصوصاً أن عمليات التنقيب مدعومة من الحكومة وأسعارها منخفضة.
لذلك تعمل الدولة الإيرانية التي تشهد واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية، على زيادة أصول المال الرقمي لديها، ووضع ثقلها في الاستحواذ على كميات كافية من العملات المشفرة. وقد أصدر الرئيس الإيراني حسن روحاني قراراً يلزم الحكومة بإطلاق استراتيجية لعمليات التنقيب في العملات المشفرة.
وقال روحاني خلال ندوة الاستراتيجية الاقتصادية الوطنية حضرها وزير الطاقة والتكنولوجيا والمعلومات الرقمية والاتصالات، أنهم بحاجة إلى رؤية جديدة للتنقيب الرقمي والتشفير، وذلك في ضوء انطلاق عملية إصدار حوالى 1000 ترخيص للشركات الإيرانية للتنقيب.
مراقبة المنصات الإيرانية
وفي مقلب أخر ذكر موقع “كوين تلغراف” (Cointelegraph) أن الدولة الإيرانية المحاصرة اقتصادياً، يزداد اهتمامها بالعملات الرقمية، بغية التهرب من العقوبات المالية. وكان مركز “Chainalysis”، الذي يتخذ من نيويورك مقراً له قد تحدث في ثلاثة تقارير عن علاقة البيتكوين بالتمويل السياسي في الشرق الأوسط. فسلطت التقارير الضوء على منصة “بلاك هوست” التي توفر خدمة استضافة المواقع الالكترونية، من دون الكشف عن هوية المستخدم.
وينشط على المنصة أصحاب البطاقات الهاتفية المزورة ومستخدمي “VPN”.
وتدعم المنصة شراء العملة المشفرة، من دون معرفة أي معلومات عن المستخدمين. كذلك ينشط على المنصة الكورويون الشماليين والإيرانيون.
ويشير تقرير صدر عن المركز في شهر أيار الماضي إلى منصة “Farhad Exchange” ودورها في توفير بيئة رقمية للتداول بالدولار والريال الإيراني والعملات المشفرة، وبرامج لتعليم المستخدمين أليات التداول بالبيتكوين.
واستطاع المركز رصد حركة 20 ألف محفظة إيرانية تحتوي على البيتكوين، ورصد حركة أكثر من 7900 عملية بيتكوين يتم التداول بها. ويشير التقرير إلى أن منصة فرهاد تلقت 74 عملية بيتكوين من مواطن مرتبط بهجمة “SamSam” التي كانت تقوم بالابتزاز الالكتروني.
وقد استطاعت الاستخبارات الأميركية الكشف عن اسم محمد مهدي شام المنصوري المدير الثاني للعملية.
إيران تمول حلفاءها بالبيتكوين
مطلع العام الحالي أشار موقع “coindesk”، إلى تلقي كتائب النصر التابعة لجناح حماس العسكري، 3370عملية بيتكوين، أي حوالى 33 مليون دولار، وتبين أن المحفظة التي تحمل المفتاح العام “1LaNXgq2ctDEa4fTha6PTo8sucqzieQctq” حصلت فيها 4500 عملية إرسال أموال إليها.
ويزعم التقرير أن أصحاب المحفظة على علاقة مباشرة بحركة حماس وحزب الله، وهما تستخدمانها لتجنب العقوبات، وعدم الكشف عن هوية الداعمين.
لماذا لا يمكن مراقبة العملة المشفرة؟
تتمع العملات المشفرة بميزات مختلفة، أبرزها اللامركزية و”البلوك تشين” والمفتاح الخاص والمفتاح العام. وعندما نقوم بإرسال عملة مشفرة من محفظة رقمية إلى أخرى، يحدث الأمر التالي: ننقل مع الأمول معلومات رقمية شفافة عن تاريخ ووقت إرسال المبلغ من جهة إلى أخرى. وهذا إضافة إلى رقم المفتاح العام الذي يختلف عن المفتاح الخاص.
وكذلك تتيح بعض العملات المشفرة معرفة كمية الأموال الموجودة بالمحافظ التي يتم إرسال العملات منها، ولكن لا يمكننا معرفة الجهة الحقيقية للمرسل، أي اسمه الحقيقي.
من جهة أخرى تتمتع المحافظ الرقميّة بخاصيات تجعل من الصعب على الجهات الحكوميّة رصد حركة الأموال. فحالياً تزدهر المحافظ اللامركزية التي لا تتطلب من المستخدم إدخال المعلومات خاصة به.
لنأخذ على سبيل المثال: محفظة “coinbase” ونقارنها بمحفظة “Exodus wallet”، وهما من بين أكثر المحافظ ثقة لدى مالكي العملات المشفرة.
عندما نريد أن نفتح حساباً على “كوين بايس” لتلقي الأموال وإرسالها وتخزينها، تطلب المحفظة تسجيل بريد إلكتروني، ورقم الهاتف، إضافة إلى توثيق الحساب عبر جواز السفر أو بطاقة الهوية. ولكن محفظة “إكسودس” لا تطلب أي من هذه التفاصيل، بل تكتفي بطلب حفظ مجموعة من الكلمات السريّة على ورقة.
حالياً تزدهر المحافظ التي تشبه محفظة إكسودس لأنها تمنح المستخدمين حمايّة قويّة ولا تسمح بإختراق المحافظ الرقميّة من خلال ثغرات أمنية.
كذلك فإن المحافظ التي لا تستخدم معلومات شخصية عن المستخدمين، تسهل التمويل السياسي والعسكري، خصوصاً وأن خدمة “VPN” تمنح حماية إضافية للجهات السياسية من خلال منع الوصول إلى الـ”IP address” الحقيقي.