أعطت مداخلة رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان في جلسة الحوار الوطني بعضاً من الرونق لهذا الحوار، الذي انعقد أمس في القصر الجمهوري في بعبدا، بحضور أعضاء الصف الواحد، إضافة الى سليمان والنائب تيمور جنبلاط.
وتحوّل “اللقاء الوطني” الى “حوار مونولوغ” في غياب كل فريق المعارضة، وانحرف عن مساره الأمني الى مواضيع حسّاسة لا تقارب إلّا بالإجماع بفتحه الباب واسعاً على حوار في تطوير النظام وسد ثغراته. وهذا ما ورد في البيان الرسمي الذي وضع عناوين مسوّدته رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مما يعني أنه مصرّ على فتح هذا الحوار في المستقبل القريب سواء حضرت المعارضة أو لم تحضر، بحسب “النهار”.
سليمان مفاجأة اللقاء
ولكن المفاجأة في اللقاء كانت مداخلة الرئيس سليمان الذي قال: ان حزب الله نقض الاتفاقات وإعلان بعبدا ما حال دون تنفيذ تعهدات الدولة وتسبب بعزلتها القاتلة، وبفقدان مصداقيتها وثقة الدول الصديقة وأهلنا في الانتشار والمستثمرين والمودعين والسياح، ما ساهم في تراجع العملة الوطنية”. ودعا للعودة الى “اعلان بعبدا”. وطالب “حزب الله” بان يأخذ في الاعتبار ان معظم اللبنانيين يريدون الإبقاء على هوية لبنان التعددية والثقافية، وعلى طريقة عيشهم ونظامهم الاقتصادي الحر. يريدون لبنان الدولة المركزية القوية فقط، لبنان العربي، لبنان الرسالة، لبنان الحضارة والانفتاح، (واحة تقديس الحريّات)، لبنان الميثاق (لا شرق ولا غرب بل همزة وصل)، (لا ممر ولا مقر).. لا مصدِّر للشباب المهاجر.
وعلمت “اللواء” ان كلاً من نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ردا على مداخلة سليمان، وحسب مصادر المجتمعين، فضّل رعد عدم الدخول في سجال او نقاش مع سليمان حول الموضوع واكتفى بالقول: لا حكمة في العودة الى الماضي سيما عبر اثارة ما سمي باعلان بعبدا. وتوجه للرئيس عون مثنيا على موقفه الداعي للحوار قائلا “ندعو للتأمل في الاعلان الذي سيصدر اليوم اذ هو جامع ويبدي حرصا على الوحدة”.وركز في مداخلته على معالجة الوضع المعيشي والاقتصادي وعلى تحصين البلد سياسياً.
وتوجه رعد بالكلام الى سليمان “باسم الجنرال ميشال سليمان” وقال له: “استخدام الماضي للإيغال في ما أخطأنا به سواء عبر ما سمي إعلان بعبدا وخلفية هذا الإعلان وطريقة إصداره التي لا نزال نتحفّظ عليها حتى الآن، لا يفيدنا بشيء“.
ثم توجّه رعد الى الرئيس ميشال عون قائلاً : “ما يفيدنا اليوم هو أن نتأمل جيداً في الإعلان الذي تلوته الآن يا فخامة الرئيس ويصلح أن يكون إعلاناً باسم كل اللبنانيين لأنه يبدي حرصاً على وحدة لبنان ووحدة شعبه وحمايته من التدخلات الخارجية ومن الرهان الخاطىء والخائب للبعض على هذه التدخلات“.
لكن الفرزلي قدم مداخلة قال فيها انه لم يكن ينوي الكلام لكن بعد كلام سليمان سيرد، حيث قال: بخصوص ما يتعلق بنقض اعلان بعبدا الذي تعاطفت معه شخصياً لأننا نتمنى أن يكون لبنان خارج كل الصراعات السياسية والاستراتيجية، مع ان تاريخه لم يكن في لحظة من اللحظات كذلك. ولكني أذكر تماماً كمواطن لبناني في حينه ان اتفاق بعبدا قد ابتدئ به عندما سمح للبنان وبظل وجود الرئيس السابق ميشال سليمان ان يصبح ممراً ومقراً للعمليات الإرهابية في لبنان وسوريا. واستعمل لبنان ممراً ومقراً لتهريب السلاح ذهاباً وإياباً.ولدينا من الأدلة الثبوتية لذلك ما يجعل هذا الكلام أمراً غير قابل للنقاش. لذلك نقض الاتفاق عبر الدفاع في وجه العمليات الإرهابية في سوريا كان رد فعل لفعل سابق انكرناه نحن كفراً وجحوداً وأقررتم انتم به خيراً ومعروفاً.
المعارضة بالمرصاد
ولم تتأخر المعارضة عن التقليل من شأن بيان بعبدا، فقال الرئيس نجيب ميقاتي انه يوم بعد اليوم يظهر رئيس الجمهورية، وكأنه طرف من الأطراف، وأن معارضتنا بنّاءة ولقاء بعبدا لم يؤمن أي حلّ..
وقال النائب السابق انطوان زهرا: ان اجتماع بعبدا من دون نتائج ملموسة، يزيد من إحباط النّاس..
ولاحظ الوزير السابق روني عريجي ان الاستفزازات التي حصلت قبل اللقاء الوطني، دفعتنا إلى عدم الحضور. واللقاء لم يكن على مستوى الأزمة.
والأخطر ما جاء في ردّ تيّار “المستقبل” الذي رأى ان أخطر ما في البيان دعوته للتأسيس على اللقاء “للانطلاق من بحث توافقي من دون عقد أو محرمات”.. فالبيان يعلن التأسيس لشيء ما في ظل تغييب كامل لاتفاق الطائف.. وتساءل: هل ان اللقاء اتخذ قراراً من جانب واحد بفتح الباب امام تعديلات دستورية بذريعة “التطوير الواجب اعتماده في نظامنا السياسي”..
واتهم العهد والحكومة، بالهروب من التصدّي للمشكلات المعيشية والاقتصادية وجر لبنان إلى حلقات جديدة من السياسات الخلافية التي تُكرّس الابتعاد عن النأي بالنفس، وتتعمد زجه في مواجهة قانون قيصر..
صلاحيات استثنائية للحكومة
وفي سياق آخر، علمت “نداء الوطن” أنّ وزيرة العدل ماري كلود نجم طالبت خلال جلسة السراي أمس إعطاء الحكومة الحق بالتشريع لمدة أربعة أشهر، وأن يحصل مجلس الوزراء على “صلاحيات استثنائية” تخوّله اتخاذ قرارات معينة في ما خص النقد وسعر صرف الدولار، بمعزل عن التقيّد بتعاميم رياض سلامة وقيود قانون النقد والتسليف، غير أنّ مصادر نيابية رفيعة جزمت في المقابل لـ”نداء الوطن” بأنّ “الصلاحيات الاستثنائية” التي تحدثت عنها نجم إنما يجب الحصول عليها من مجلس النواب “وهذا ما لن يحصل أبداً لأنّه يستحيل أن يقبل المجلس ورئيسه بمنحها إلى حكومة أثبتت عجزها الفاضح في مختلف المجالات والملفات، هذا عدا عن أنّ رئيس المجلس نبيه بري الذي رفض إقالة حاكم المصرف المركزي لن يقبل حكماً بأن ينتقص من صلاحياته لصالح حكومة دياب“.
طلب نجم سرعان ما لاقى اعتراضاً من الوزير عباس مرتضى الذي أشار إلى أن المجلس يقوم بدوره التشريعي على أكمل وجه وهو سبق أن اجتمع مرتين في قصر الأونيسكو أثناء التعبئة العامة، أضف إلى أن اللجان تعمل بشكل مكثّف لتحضير القوانين.
واليوم، من المقرر أن تتكثف الاجتماعات المالية في السراي، على أن تنعقد كذلك اللجنة الوزارية المكلفة متابعة موضوع سعر صرف الدولار في وزارة المال، حيث سيصار بحسب المعطيات المتوافرة إلى طرح الحلول البديلة للمقررات التي اتخذها مجلس الوزراء سابقاً وأثبتت فشلها في ضبط سوق الصرف، تمهيداً لانعقاد مجلس الوزراء الثلاثاء المقبل في جلسة مخصصة في السراي الحكومي لتدارس هذه المشكلة والبحث في الأفكار المطروحة للمعالجات الممكنة.