وبهذا المعنى يسجل للحكومة اخفاقها ومهما تعددت الاسباب فلم تعد تلك الاسباب تلتمس عذر المواطنين لحكومتهم، خصوصاً وان هذه الحكومة باتت تعاني من خلل بنيوي. يكفي ما نسمعه بين يوم وآخر ان هذا الوزير او ذاك لوح ضمناً بالاستقالة. فعلياً صرنا امام اربعة او خمسة وزراء في الحكومة راودتهم فكرة الاستقالة والبقية أصيبوا بالاحباط والعجز.
وعملياً لا تغيب فكرة التغيير الحكومي عن طاولة بحث المعنيين. كانت قيد التداول لدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ولم تغب عن بال الرئيس بري، الذي يتخوف ضمناً من ان أي إقالة للحكومة من دون اتفاق مسبق على البديل سيدخل البلد في اتون ضخم قد يهدد العهد.
لكن يبدو التغيير الحكومي ككرة ثلج تكبر مع تفاقم الازمة وانعدام الحلول، وتكشف معلومات موثوق بها أنّ جهد الساعين للتغيير خلف الكواليس وهم كثر لم يهدأ بعد، وبعيداً من الاسماء المعروفة بدخولها سابقاً نادي رؤساء الحكومات، وضع قيد التداول اسم نائب حاكم مصرف لبنان السابق محمد بعاصيري الذي تولى الإشراف على عملية تصفية “جمال ترست بنك” العام الماضي.
كان المتوقع ان يعاد تعيينه مجدداً في منصبه، بإصرار من الاميركيين بحيث لم تتوانَ السفيرة الاميركية دورثي شيا عن مفاتحة الرؤساء بالأمر. وبعد أخذ ورد رفعت الممانعة عن تعيينه فلان موقف بري وباسيل الذي اقترح تكليفه أخيراً مفاوضة الاميركيين حول مسائل معينة ومنها ترسيم الحدود. لكن المفاجأة، وفق ما يكشف مرجع رئاسي، تمثلت بإصرار رئيس الحكومة حسان دياب على استبعاده وتعيين أسماء جدد لنيابة الحاكم. خطوة تلقاها الجانب الاميركي بتحفظ واستياء عبرت عنه شيا في اكثر من مناسبة.
واذا كانت زيارة حاكم مصرف لبنان برفقة بعاصيري الى منزل السفير السعودي وليد البخاري قوبلت باهتمام اعلامي ركز على لقاء الحاكم مع السفير، فان وجود ثالث معهما هو بعاصيري لم يكن تفصيلاً عابراً وقد خرج الرجل مؤكداً دعم المملكة لشخصه وموقعه، ما يشير الى العلاقة المتينة التي تجمع الطرفين. الرجل الفاعل خلف الكواليس كان المبادر الى ترتيب زيارة الحاكم للبخاري ومهد لها بزيارتين سابقتين.
في المقابل تستمر السفيرة شيا في التعبير عن أسف بلادها لعدم تعيين بعاصيري في مناسبات عدة، وهي لم تتردد قبل أيام في التأكيد في مجلس خاص على استمرار دعم بلادها للرجل، مع ما يعنيه ذلك من تزكية لطرح اسمه لرئاسة الحكومة.
المصادرالسياسية المطلعة التي تتحدث بالتفصيل عن دعم الاميركيين لبعاصيري تكشف عن امكانية ان يكون الاخير المرشح جدياً لرئاسة الحكومة في الفترة المقبلة، وتذهب حد تأكيد وجود مفاوضات تجري خلف الكواليس تعزز فرضية مجيئه. على ان التغيير لن يكون ابن ساعته بل هو يطبخ على نار خفيفة. ويفضل البعض ربطه بإنطلاق مفاوضات اميركية – ايرانية لم تعد مستحيلة او مستبعدة ليصبح معها التغيير ضرورياً باتجاه حكومة وحدة وطنية، وسط إبداء تفاؤل هذا البعض بأن مثل هذه المفاوضات من شأنها ان تنعكس ايجاباً على لبنان، الذي سيكون على موعد مع تسوية ترجح كفة بعاصيري لرئاسة الحكومة، وفي هذه الحال لن يقابل برفض الأفرقاء السياسيين من فريق الثامن من آذار وفي مقدمهم “حزب الله”.