لا يبيح الشح في العملة الصعبة لنقابة الصيارفة، ومن يدير أعمال الصرّافين من بعد ومن قرب، ممارسة الإحتكار المالي القذر، فمن يشتري منك ألف دولار الساعة 10 لا يمكنه تحت أي ذريعة أن يقول لسواك بعد دقيقة إن طلبت شراء 200 دولار “ما في دولارات حبيب القلب”، حبة تطلع براس لسانك. ربح الصرّاف الطبيعي هو في الهامش المتحرك بين الشراء والمبيع، وفي نشاط السوق اليومي لا في احتكار الدولار وتخزينه لمصلحة محتكر.
في 28 أيار الماضي أخلي سبيل نقيب الصرافين محمود المراد وشقيقه لقاء كفالة بقيمة 15 مليون ليرة (سعر خاص!) بعد ثبوت تورطه ومجموعة من معاونيه والعاملين تحت جناحيه في تسعير جنون الدولار من خلال “لمّ” المتوافر في السوق بأسعار عالية.
بعد خروجه إستأنف المراد ممارسة نشاطه كنقيب للصرّافين، وما كان ينقص سوى تزكية اسمه لشغل موقع مالي متقدّم في دولة المفلسين سياسياً، والفاشلين بكل تدبير وإصلاح. نائب حاكم مثلاً!
بتوجيه من الحاكم الموجّه من السلطة الحاكمة تم في يومين مجيدين ضخ ملايين الدولارات في أنابيب الصرافين من الفئة A، أي السوبر، فتهافت الناس وشفطوا المتوافر شفطاً مقابل صورة عن الهوية، وقيل أنه فُتح التداول بسعر صرف الهوية لدى بعض الصرافين بـ 200 ألف ليرة وأقفل متراجعاً إلى 50 ألفاً. فبقي قسم من الدولارات المضخوخة في حوزة الصرّافين الذين يخبّئون الدولار الأخضر ليومنا الأسود.
بعد هذا الفشل المتوقع، أتحفت نقابة الصيارفة المواطنين بتعميم فيه محاكاة لسلوك المصارف المفلسة، وإن كانت ملاءة الصرافين ممتازة على الرغم من كل الضغوط.
بسرعة تم توقيف خدمة الـ 200 دولار لتصدر نقابة الصيارفة تعميماً حددت فيه 4 حالات يمكن للمواطن فيها الحصول على دولارات: من لديه خادمة، ومن لديه قسط بيت أو قسط جامعة ومن يريد ان يسافر، ومن لديه أقساط سيارة متوجب عليه دفعها بالدولار أما من لديه طلبية فرقيع من كوريا للإحتفال بمئوية لبنان الكبير أو من يود شراء دبلة خطوبة فالنقابة “مش مخلفتو وناسيتو”. وأطرف ما في التعميم أن الدولارات المسموح أن تشتريها لتسديد ثمن بطاقات السفر مقتصرة على شخص واحد.
بمعنى بدك تهج على كندا بيطلعلك 1000 دولار فقط. وين بتوصلك الألف مسيو مراد مش مسؤول. بدك تروح مع ولادك؟ مسيو مراد لم يقل لك أن تتزوج ولا السلطة النقدية أجبرتك على إنجاب الأولاد. تريد أن تسوح في أوروبا؟ إستح وانضب في مستيتا.