هي “المعزوفة” نفسها التي لجأ إليها دياب في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، حين ارتأى الحديث عن “إشاعاتٍ” يطلقها البعض لـ “التهويل” على الحكومة واللبنانيين، في مواجهة كلّ ما يُحكى عن “مصير” حكومته الذي بات على المحكّ.
لكن ما لم يحسب دياب حسابه في مطالعته القديمة-الجديدة تمثّل في أنّ “المواجهة” لم تعد فقط مع “الخصوم”، بل إنّ داعميه وعرّابيه باشروا “الانقلاب” عليه، أمرٌ تجلّى بوضوح بـ “المعارك” التي دارت داخل الجلسة الأخيرة، وامتدّت إلى خارجها.
عبء على “أهلها”!
وقد تكون “الثورة النسوية” التي شهدتها مداولات جلسة مجلس الوزراء الأخيرة واضحة في هذا السياق، خصوصاً مع “تسريب” الوزيرات زينة عكر وماري كلود نجم وغادة شريم مداخلاتهنّ حول “عجز” الحكومة و”يأس” المواطنين.
وبُمعزَلٍ عن الدوافع الكامنة خلف هذه “الانتفاضة الذاتيّة” من قلب الحكومة، ومدى ارتباطها بخشية البعض من أن يحرقه “اللهيب” الآتي، فإنّ دلالاتها تبقى عالية، خصوصاً أنّها دلّت على أنّ “الإنجازات” التي يتباهى بها رئيس الحكومة، تبدو “وهمية” حتى في عيون أصحابها.
“رعاة” الحكومة ضدّها…
فقد وصلت “الانتفاضة” إلى “رعاة” الحكومة، حتى داخل “العهد” الحاكم، الذي بدأ يشعر أنّ الأمور “فلتت” من يديه. وما “امتعاض” رئيس الجمهورية من عدم تنفيذ قرارٍ حكوميّ صادرٍ منذ ثلاثة أشهر سوى البيّنة على ذلك، معطوفاً على تلويح تكتل “لبنان القوي” المحسوب عليه، بسحب الثقة “المشروطة” للحكومة، وسط انقسامٍ في صفوفه، زاده وضوحاً المؤتمر الصحافي لرئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان.
ولا تبدو الأمور أفضل حالاً حتى في ميزان “الثنائيّ الشيعيّ”، ولا سيما رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي بدا أنّ “الكيمياء” مع دياب فُقِدت منذ اليوم الأول، ليأتي بيان كتلة “التنمية والتحرير” التي يرأسها قاسياً في الهجوم على الحكومة وإجراءاتها، بل مغرّداً في سرب “معارضة” لا “موالاة”.
وإذا كان “حزب الله” لا يزال “يحصّن” الحكومة بشكل أو بآخر، بذريعة غياب “البدائل”، فإنّ هجوم أحد نوابه (إبراهيم الموسوي) على إحدى وزيراتها (ماري كلود نجم)، ولو أتى على خلفية إحالة القاضي محمد مازح على التفتيش القضائي، لا يبدو مجرد “تفصيل” على هامش الصورة.
باختصار، باتت الحكومة “يتيمة”. رعاتُها المفترضون يتفوّقون على خصومها في معارضتها، ولو كان رئيسها “مطمئناً” إلى أنّ “البديل” غير متوافر، “بديل” قد لا يعود توفيره شرطاً لإسقاط حكومته، إذا ما استمرّت في “القفز إلى الأمام”، معتمدةً سياسة “الإنكار”، وكأنّ شيئاً لم يكن…