أصدرت لحنة الحوار اللبناني الفلسطيني بياناً حول المشروع الاسرائيلي بضم أجزاء من الضفة الغربية وغور الاردن للكيان الاسرائيلي، ومصادقة الحكومة الاسرائيلية على التنقيب عن الغاز في المجمع أو البلوك رقم 9 الذي يقع في المنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة هذا نصه:
يتأكد يوماً بعد يوم أن قوات الاحتلال الاسرائيلي تعمل على صب الزيت على نار الأوضاع الاقليمية الملتهبة. فهي تطمح من خلال سياساتها ومخططاتها إلى تحويل الضفة الغربية الفلسطينية المحتلة بما فيها غور الاردن، إلى منطقة توسع واستيطان اضافية لكيانها الاحتلالي بهدف تحقيق مشروعها الاستيطاني الصهيوني كاملاً بإقامة كيانها على كل أراضي فلسطين التاريخية ، مستندة إلى، ومستفيدة من الغطاء الاميركي الذي منحته لها الإرادة الاميركية عبر ما يسمى بصفقة القرن التي طرحها الرئيس ترمب نهاية شهر شباط الماضي، وما تضمنته من خطوات تصب في مجرى سياسات الأمر الواقع الاسرائيلية، ضاربة عرض الحائط بالقوانين والمواثيق الدولية التي ترفض الاحتلال والاستيلاء وضم اراضي الغير بالقوة، وتتنكر لحل الدولتين الذي تدعمه أغلبية الدول والرأي العام في العالم . ويتكامل ذلك مع التوجه نحو استثمار حقول النفط والغاز البحرية في مناطق تعود إلى لبنان، ومن حقه استثمارها لمصلحته الخاصة ، بعد أن مهدت لذلك باتفاقها مع قبرص في العام 2011 ما هدّد مساحة غنية بالنفط والغاز تقدر مساحتها بـ 860 كلم مربع هي من حق لبنان المؤكد. إن هذا المنحى المزدوج في منتهى الخطورة ويهدد بإشعال حروب في منطقة تعاني الكثير من الحروب والفوضى الكيانية والأزمات المتلاطمة . وفي ما لبنان أحوج ما يكون إلى استثمار ثرواته من أجل تعافي اقتصاده إلى الأمام تعمد اسرائيل إلى سلبه حقوقه البحرية في مناطق خالصة له.
وعلى الرغم مما تتضمنه صفقة القرن من تكريس للاحتلال ونسف لحل الدولتين ، وتعزيز لسياسات الاستيطان ، الا أن الكيان الاسرائيلي يطمح دوماً إلى تحقيق ما هو أكثر من ذلك، ويتجاوز حتى ما تم التوصل إليه مع الولايات المتحدة الاميركية من خرائط . ومع أن نتنياهو يحاول المباشرة بعملية الضم التي تستهدف أكثر من 30 بالمئة من مساحة الضفة، الا أن ما يكبح رغباته هذه ليس سوى الصراعات السياسية الداخلية التي تدور حول التوقيت، وتتفق على ما تحقق من أهداف تحت مظلة السياسات والالتزامات والتغطية الاميركية لها . إن الولايات المتحدة ما كان لها أن تمارس تلك السياسات العارية، لولا الموقف العربي الذي ينتقل من خطوة تراجع إلى أخرى تحت وطأة أوضاعها لداخلية، وتغييب قضيته المركزية بما هي قضية فلسطين ومصير شعبها.
والمؤكد أن خطوة الضم الاسرائيلية ستقود حكماً إلى مزيد من أعداد اللاجئين نحو الدول العربية المجاورة ، خصوصاً نحو الاردن جرّاء حشرهم في مساحات محدودة من الارض ودون موارد كافية . كما من شأنه تسجيل المزيد من التدهور في أوضاع فلسطيني الضفة والقطاع وبلدان اللجوء الأخرى. إن زيادة معاناة اللاجئين لدفع السلطة الفلسطينية نحو الاستسلام بات ثابتاً من خلال التخلي الاميركي عن تقديم مساعداته السنوية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين– الاونروا ،ومواصلة الضغط عليها وعلى الدول المانحة لقطع المساعدات عنها ، وكذلك عن أجهزة السلطة والمؤسسات الانسانية والطبية والطلبة الفلسطينيينفي الاراضي المحتلة والخارج…
وعليه، فإن لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني ومن منطق التزامها الدفاع عن لبنان وحقه في استثمار ثرواته ، وعدالة القضية، والحق الفلسطيني بالعودة إلى دياره، وتقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة على ترابه ، تحيي الموقف الذي اتخذه الاتحاد الاوروبي ورفض بموجبه الاحتلال وعمليات الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة ، محذراً من مضاعفات مثل هذه السياسة على المنطقة والعلاقات الدولية ، وتدعو الدول العربية إلى المبادرة لعقد اجتماع طارئلوزراء الخارجية لإقرار تنسيق سياساتها إزاء هذا المنحى الصهيوني الهجومي الخطير.كما تدعوها إلى دعم مواقف كل من منظمة التحرير الفلسطينية والمملكة الاردنية الهاشمية المستهدفين أكثر من غيرهم بالخطوة النوعية الاسرائيلية التي تهدد حل الدولتين، كما تعبر عن وضع الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال العاري والاراضي الاردنية ولبنانتحت رحمة الآلة الحربية الصهيونية.
رغم ما سبق وأشرنا إليه من مخاطر على القضية والدولة الفلسطينية ، الا أن أخطارها الفعلية تتعدى كل ذلك ، كونها تمهد الطريق نحو خطوات أكثر عدوانية تتمثل بإعادة تشريد الشعب الفلسطيني من الضفة الغربية واراضي العام 1948 أيضاً انطلاقاً من قانون يهودية الدولة الاسرائيلية ، كما يقطع الطريق على حق العودة الذي تضمنه القرارات الدولية، ويفرض التوطين على اللاجئين الفلسطينيين في كل من الاردن ولبنان وسوريا. ويهدد بفتح حروب على أكثر من جبهة عربية ، فضلاً عن إشعال الداخل الفلسطيني الذي يقع عليه الفعل العدواني الصهيوني المباشر .
إن على الشعب الفلسطيني ، كما على الشعبين الاردني واللبناني الارتقاء إلى مستوى التحديات المطروحة، وندعو السلطة وسائر الفصائل الفلسطينية للمبادرة إلى العمل على استعادة الوحدة الوطنية المفقودة وردم هوة الانقسامات التي تشل قوى وفاعلية الموقف السياسي والشعبي الفلسطيني عن المواجهة الناجحة في الداخل ودول الشتات على حد سواء .