قد يكون تيار “المستقبل” حزبا ينمو في السلطة، مثله مثل الحزب “التقدمي الاشتراكي” وحركة “أمل”، وهو، في الأحوال الطبيعية، يخسر النقاط في كل ساعة يبتعد فيها عنها، لكن الظروف اليوم مختلفة.
يبدو سعد الحريري في موقع سياسي يمكنه من الربح على كل الجبهات، فهو أولاً متحالف سنياً مع رؤساء الحكومات السابقين الذين يشكلون حوله اجماعاً لم يكن يحلم به في عزّ قوة تياره السياسي، حتى عام ٢٠٠٥ كانت حيوية سّنة الثامن آذار أكبر علماً انهم لم يكونوا ممثلين في البرلمان.
هذا الغطاء السني الكبير يمنع اي طرف من الإستثمار في البيئة السنية على حساب الحريري، اقله في المدى المنظور، حتى أن بعض التقارير التي أعدت في “حزب الله” قالت ان الحريري لا يزال، في بيروت مثلا، يمون على غالبية البيئة السّنية.
تقليل الحريري من خسائره السّنية، يترافق مع استعداء كامل للعهد ولرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، اذ ان “بيت الوسط” وجد خصماً جذاباً يمكن الإستثمار به في الشارع وفي الإعلام وهذا ما حصل، ويبدو الأمر ناجحا الى حد بعيد، فكيف يمكن للحريري ان يعود ليكون رئيساً لحكومة العهد في حين انه يجد ان مخاصمة باسيل فيها ارباح توازي ارباح السلطة.
لكن الحريري وبالرغم من موقعه الحالي، لم يعاد “حزب الله” لا اعلامياً ولا سياسياً، وهو مستمر في علاقته الممتازة مع الحزب وفي لقاءاته التنسيقية معه. من هنا فهو يعمل على ترك خطوط التواصل مفتوحة ليكون مجدداً خيار الحزب في اي مرحلة مناسبة. كما ان الحريري يسعى الى طمأنة الحزب من خلال سعيه لمنع الإشتباك السني الشيعي في بيروت وطريق الجنوب وهذا ما يرضي الحزب كثيراً.
كل هذه الأرباح التي يجنيها الحريري من موقعه الجديد البعيد عن تصويب الشارع والناس المنتفضين، يضاف اليها تحسين وضعه مع دول الخليج من خلال الصوت العالي الذي يرفعه بالمطالبة بشروط عودته الى السراي، اي ان تكون الحكومة من دون “حزب الله” ومن دون باسيل، وبهذه المطالب الإعلامية يحاول الحريري ان يستعيد ودّ الخليج بإعتباره يتماشى مع سياساتهم بمعاداة عون وعدم اعطائه غطاءً سنياً، ومن خلال رفض تمثل الحزب في اي حكومة يرأسها.
كل تلك الاسباب تجعل الحريري غير مستعجل للعودة الى رئاسة الحكومة من دون تسوية شاملة لم تلح في الافق بعد. فما هي الفائدة التي يجنيها من ان يكون رئيس سلطة تنفيذية في بلد بات في قلب الإنهيار؟