عملياً، فتح رئيس الحكومة باب النقاش مع جمعية المصارف بعد تأكيده أنّ الحكومة ليست في وارد افلاس القطاع المصرفي وهي “الفزاعة” التي رفعتها جمعية المصارف لكي تطعن بخطة الحكومة المالية – الاقتصادية من باب التشكيك بالأرقام الورادة ضمنها، ولو أنّ صندوق النقد لم يتردد في القول علانية إنّ أرقام الحكومة هي الأقرب إلى الواقع، ولو أنّ الرأي العام غير مقتنع أصلاً بالجدل حول جنس ملائكة الأرقام وخلفيته، وكل ما يهمه هو منحه بصيص أمل يقنعه أنّ مدخرات عمره لم تتبخر فعلاً وثمة امكانية في استعادتها ولو بعد حين.
المهم، أنّ المياه عادت إلى قنوات التواصل بين الفريقين على أمل ردم الهوة التي فرضتها الخطة الحكومية، والتوصل إلى مقاربة مشتركة تحفظ ماء وجه السلطة اللبنانية أمام صندوق النقد، الذي يكاد يستسلم وينفض يديه من الملف اللبناني.
وفق المطلعين على أجواء اللقاء، فإنّ رئيس الحكومة لم يسلّم أرقام خطة حكومته على مذبح التفاهم مع مصرف لبنان وجمعية المصارف، لا بل دعاهم إلى تجاوز هذه المسألة، لأنها ليست فعلياً العقدة في المنشار، وإنما هي الشماعة التي يعلق عليها معارضو الخطة حججهم لرفض ما تضمنته من رؤية اصلاحية لمعالجة الخسائر الثلاثية الأبعاد: خسائر الخزينة العامة، خسائر مصرف لبنان وخسائر القطاع المصرفي.
ويشير هؤلاء إلى أنّ وفد جمعية المصارف بدا متفهماً للطرح الذي تقدّم به رئيس الحكومة لأنهم يعرفون جيداً أنّ العقدة الجوهرية تكمن في مسألتين: أولاً كيفية توزيع الخسائر، وثانياً كيفية تعويضها. ولهذا لم يسجلوا تحفظهم على ما أدلى به دياب أمامهم، وبدوا متفهمين لفكرة الانتقال إلى المرحلة الثانية التي هي أكثر أهمية من الجدل العقيم حول الأرقام ومقارباتها. وفي هذا السياق تلفت مصادر رئيس الحكومة إلى أنّ النقاش مع جمعية المصارف بنّاء وايجابي وهو ضروري لتعزيز موقف لبنان أمام صندوق النقد الدولي، نافية كل الأجواء السلبية التي تتحدث عن نية الصندوق وقف المفاوضات مع لبنان، مشيرة إلى أنّ هذه المفاوضات قد تحتاج أكثر من ستة أشهر وقد تمر بتعقيدات كثيرة ولذا من غير المقبول نعيها في أول شهرين من النقاش.