بعد استقطاب برّي لباسيل.. هل يعلن ‘حزب الله’ هزيمته الداخلية؟

17 يوليو 2020
بعد استقطاب برّي لباسيل.. هل يعلن ‘حزب الله’ هزيمته الداخلية؟

بعيداً عن المعطيات، الكثيرة للمناسبة، يمكن ملاحظة وبسهولة كيف إستطاعت المنظومة السياسية التقليدية في لبنان إستيعاب رئيس “التيار الوطني الحر” المنهك سياسياً وشعبياً واستقطابه ليصبح جزء لا يتجزأ من “منظومة الطائف” بعد أن حاول في السنوات الماضية أن يتصرف بوصفه غريباً عنها ومشاركاً لها من خارجها. رحّب وئيس المجلس النيابي نبيه بري بباسيل وانتهى الأمر، اتفق معه على التفاصيل وقال جملته الشهيرة “ما حدا يفوت بيني وبين باسيل”، يبقى ان يتقبل جنبلاط (رئيس الحزب الإشتراكي) والحريري (رئيس تيار المستقبل) الأمر نفسياً بعد ان بات أمراً واقعاً في السياسة.

لم ينجح باسيل في أن يكون في الشكل خصماً للمنظومة السياسية المكونة بعد الطائف وفي الىاقع شريكاً، خسر في سياسته هذه كل شيء، اذ ان شيطنته لم تبدأ في ١٧ تشرين بل بدأت جراء خصومته مع الاحزاب الاساسية في البلد، ولعله اليوم ادرك أهمية مهادنة هؤلاء. من اليوم وصاعداً، وفي الأعم الاغلب لن نشهد مجدداً تعطيلاً لمجلس الوزراء بسبب خلاف مع باسيل على قضية من هنا وأخرى من هناك، بدأ مسار التوافقات العلنية خارج الحكومة مع باسيل الذي قد لا ينتهي ابدا.

لم يكن اتفاق باسيل مع بري بوصفه زعيماً رئيسياً في قوى الثامن من اذار، بل بوصفه احد اقطاب منظومة الطائف، ويقول البعض انه زعيمها الأوحد، من هنا تصالح باسيل مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومع جمعية المصارف، وبدأ يرمي الأثقال، اولها الخطة الحكومية وثانيها آلان بيفاني…

سيرمي باسيل اثقالاً كثيرة في المرحلة المقبلة في طريقه للإندماج الكامل مع شركائه الجديد، اذ كاد يرمي حكومة “العهد” من دون تفكير لولا تدخل “حزب الله”.

انقذ الحزب الحكومة من السقوط لأسباب يراها استراتيجية، لكن بأي ثمن؟ من يعتقد ان الحزب فرض على حلفائه قراره بالقوة او بالإقناع فهو مخطء، ولا يعرف حلفاء الحزب. الحزب تنازل من اجل ابقاء الحكومة وهذا بدأ يظهر جلياً. طارت الخطة المالية التي كانت الشيء الوحيد الذي قد يرضي الاوروبين وصندوق النقد من كل ما قامت بع حكومة دياب. هذا أول تنازل لـ”حزب الله”. انتصرت خطة المصارف على حساب الناس اولاً وعلى حساب أملاك الدولة ثانياً.

ظن الحزب في بداية دخوله الحكومة من اوسع ابوابها مع تسمية دياب انه سيستغل الحراك الشعبي والتشظي الكبير التي تعرضت له المنظومة الكاملة في الدولة العميقة، من اجل الإنتصار عليها لكن وبعد أشهر من تأليف الحكومة يمكن القول انه هزم بشكل كامل وعاد الى دوره التقليدي في الحكومة: حماية مصالحه الاستراتيجية بوصفه قوة مقاومة، مع فارق بسيط ان الناس باتوا يحملوه مسؤولية الازمة الإقتصادية.

في الكواليس السياسية، تحدث كثر خلال الاسابيع الماضية ان الحزب سحب نفسه من “مكافحة الفساد” الذي كان قد اعلن انه سيقودها في الإنتخابات النيابية، تزامن ذلك مع تزايد الحديث عن التوجه شرقاً. برز تحليل يقول ان تنازل الحزب عن مكافحة الفساد سيأخذ ثمنه موافقة او سكوت من قوى المنظومة السياسية على التوجه الحكومي نحو الشرق. اسابيع قليلة كانت كفيلة لإظهار ان تنازل الحزب كان من دون ثمن، قد يكون ثمنه عملياً بقاء الحكومة.