الحكومة امام مطب التدقيق المالي من جديد… العين على زيارة لودريان وتلقف لدعوة الحياد

20 يوليو 2020
الحكومة امام مطب التدقيق المالي من جديد… العين على زيارة لودريان وتلقف لدعوة الحياد

شكّل موضوع الحياد الذي أطلقه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الشغل الشاغل لجميع القوى السياسية، وتحوّل الصرح البطريركي في الديمان، محط زيارة لعدد كبير من القوى السياسية في خطوات استيعابية لطرح البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، أكثر منها لتأييده. 

في هذا الوقت، لا يزال الهم المعيشي والطبي من أبرز الأمور المسيطرة على هموم اللبنانيين، ان لناحية ازدياد ساعات التقنين او حتى لناحية ازدياد حالات الاصابة بفيروس كورونا. ففي الأولى من المتوقع ان يشعر اللبناني اعتباراً من اليوم ببعض التحسن بالتغذية الكهربائية على ما وعد وزير الطاقة ريمون غجر، أما في الثانية، فان هذا الموضوع سيحط بقوة على طاولة مجلس الوزراء غداً مع استمرار الارتفاع الدراماتيكي باعداد الاصابات، وتأكيد وزير الصحة على ان هذا الاسبوع سيكون حاسماً لناحية تطور انتشار الوباء في ضوء تسجيل اصابات مجهولة المصدر ما ينذر بخطر كبير يؤشر له التصاعد المقلق لعدد الاصابات في الاسبوع الاخير.

الحياد 
اذاً، لا تزال دعوة البطريرك الراعي الى اعتماد الحياد لانقاذ البلاد تلقى ردود فعل تترنح ما بين الايجابية والسلبية، وعلمت “النهار” ان جهات مسيحية فاعلة نيابية ووزارية سابقة، تجري اتصالات لتنظيم لقاء تنبثق منه “لجنة متابعة لدرء تداعيات الطرح البطريركي حول مسألة حياد لبنان”. وفهم أن هذه اللجنة سوف تدرس إمكان تأليف وفد رفيع لزيارة الكرسي الرسولي في الفاتيكان “لشرح المخاطر المترتبة جرّاء هذا الطرح على المسيحيين في لبنان والمشرق في ظل الظروف القائمة، وكيف يمكن أن يستثمر الحياد سياسياً لمصلحة فريق ضد فريق آخر وازن وأساسي له حضوره القوي اجتماعياً وسياسياً في المجتمع اللبناني والمنطقة”.
الى ذلك، علمت “نداء الوطن” أن اللجنة المشتركة بين بكركي و”حزب الله”، والتي توقّف عملها منذ فترة، ستجتمع قبل مغادرة البطريرك الراعي الى الفاتيكان.

لودريان: شروط جديدة

وينتظر ان يصل الى بيروت بعد غد  الاربعاء وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان في زيارة مخصصة لرعاية تقديم دفعة من المساعدات المالية الفرنسية للمدارس والمعاهد الكاثوليكية التي تتولى تدريس البرامج الفرنسية في لبنان والتي قدرتها بعض المصادر بما يفوق العشرين مليون يورو لتخطي الضائقة الاقتصادية التي يواجهها لبنان حاليا.

وبالرغم من نفي المصادر المواكبة لزيارة لودريان حمله اي مبادرة فرنسية للتوسط بين ايران والولايات المتحدة لفك الاشتباك المطبق عن لبنان حاليا الا انها اشارت إلى ان وزير الخارجية الفرنسية تشاور هاتفيا منذ ايام مع ديفيد شينكر حول الاوضاع في لبنان في اطار التنسيق المتواصل بين واشنطن وباريس. وينتظر ان يقابل لودريان الرؤساء الثلاثة ووزير الخارجية وعدداً من كبار السياسيين  وفي مقدمتهم الرئيس سعد الحريري ووليد جنبلاط وسمير جعجع والبطريرك الماروني ويتبادل معهم وجهات النظر حول الأوضاع في لبنان والمنطقة وموقف فرنسا منها وما يمكنها القيام به لمساعدة ودعم لبنان لكي يستطيع تخطي ازمته الصعبة والمعقدة، سياسيا واقتصاديا على حد سواء. ويرتقب ان يتحدث الوزير الفرنسي في قصر بعبدا بعد الاجتماع مع الرئيس عون الخميس ويكرر الموقف الفرنسي الاخير بخصوص مساعدة لبنان والاصلاحات المطلوبة مسبقا لتسهيل تنفيذ قرارات مؤتمر سيدر.

وعلمت “اللواء” ان لودريان يحمل شروطاً جديدة، أبرزها الأخذ بمبدأ الحياد، إضافة إلى الإصلاحات والاسراع بها.

الاجتماعات المالية الى الواجهة
ووسط روتين الذلّ اليومي المتمثّل بجلجلة التقنين الكهربائي القاسي، حيث غرقت مناطق شاسعة في البلاد في الظلام لـ16 ساعة متواصلة، مقروناً بارتفاع دائم للأسعار وزيادة عدد الاصابات بالـ”كورونا”، تتّجه الانظار هذا الأسبوع نحو سلسلة الاجتماعات المالية والنقدية المكثفة بين وزارة المال ومصرف لبنان والمصارف للوقوف على أرضيةٍ مشتركة للتفاهم مع صندوق النقد الدولي على خطةٍ للانقاذ تخرج البلد من عنق الزجاجة وتحميه من الانهيار الوشيك، علماً بأن الاجتماعات ستعقد اليوم وغداً وبعد غد، على أن يُعقد اجتماع مالي موسع الخميس في السراي الحكومي يحضره الاستشاريان المالي والقانوني: لازارد وغوتيب.
وخرقت الدعوة التي أطلقت لفريق من مؤسسة “لازار” للعودة الى بيروت في وقت قريب للقيام بـ “مهمة غامضة” اختلف المطلعون على تحديدها، الجمود المسيطر على الساحة المالية والنقدية بعد تجميد الاجتماعات بين لبنان ووفد صندوق النقد الدولي.

وكانت المؤسسة كلفت تقديم استشارات مالية للحكومة اللبنانية واختيرت لمهمة تقويم أوضاع الديون المترتبة على لبنان نتيجة توقفه عن الدفع لمالكي سندات “اليوروبوندز” منذ الدفعة التي استحقّت لمالكيها المحليين والأجانب في 9 آذار الماضي واعادة هيكلتها بطريقة تتناول ما تبقى من دفعات تمتد حتى سنة 2035 واستحقت منها حتى اليوم دفعتان واحدة في 19 نيسان وأخرى في 26 حزيران الماضيين.

وعلى هذه الخلفيات، تعددت الروايات عن عودة وفد المؤسسة الى بيروت بين قائل بضرورة معاودة البحث في مصير سندات “اليوروبوندز” مع مالكيها وكيفية مقاربة المخارج الممكنة، في محاولة هي الأولى من نوعها للفصل بين مصيرها والمفاوضات الجارية بين لبنان وصندوق النقد الدولي. وأخرى قالت إنها استدعيت لمساعدة الحكومة اللبنانية في اعادة تقويم الخسائر المالية التي لحقت بالقطاع المصرفي بعدما تراجعت الحكومة عن مشروعها السابق.

وسط هذه الأجواء، تلوح في الأفق مواجهة سياسية مالية تنذر بالمزيد من التدهور لا سيما بعد اعلان مصادر بعبدا ان شركة “كرول” التي اعترض عليها الثنائي الشيعي لاتصالها باسرائيل، ليست كذلك وانه سبق لها أن عملت في ايران والسعودية ودول أخرى، وان تقرير الأمن العام لم يثبت علاقتها بـ”الموساد”، ولم تدرج على لوائح المقاطعة التي تصدرها جامعة الدول العربية. وهذا الإصرار، ولو ظاهراً، هدفه التمسك بالتدقيق المالي الجنائي، أكثر منه بالشركة. وتعتبر المصادر ان ثمة تواطؤاً بين مجموعة من المسؤولين منذ الطائف الى اليوم، تسعى الى تعطيل هذا المسعى لأنها متورطة في إهدار المال العام.

في هذا الوقت، تنصبّ جهود الحكومة هذا الأسبوع على حشد الدعم الكافي لخطتها وأرقامها وإقناع الأطراف البرلمانية والسياسية والمصرفية بها، كونها القاعدة “الصالحة” التي يرتكز عليها صندوق النقد للانطلاق بالمفاوضات، مع التعويل على زيارة وزير خارجية فرنسا للبنان لإعطاء دفعٍ بهذا الاتجاه.

ويتوقع ان تعقد لجنة تقصي الحقائق النيابية جلسة قبل ظهر اليوم في حضور وزيري المالية والاقتصاد ومصرف لبنان وجمعية المصارف وعدد من المستشارين لاعادة دراسة وصياغة خطة الإنقاذ الحكومية خلال اسبوع كامل، مع الاخذ بعين الاعتبار مواقف ورؤى جميع الجهات المشاركة للخروج بتصور موحد بالنسبة للأرقام مع تضمين الخطة بندا مفصلا للاصلاحات في جميع القطاعات من دون استثناء ومشاريع القوانين المرفقة للخطة.

في إطار متصل، لا تخفي مصادر مقربة من الرئيس عون تأكيدها لـ”اللواء” ان لبنان محاصر، بحجة “حصار حزب الله” أو فرض عقوبات عليه، فلبنان، والكلام  للمصادر، متروك للتخبط بأزماته، بدءاً من الأوضاع المعيشية والمالية وأزمة النزوح السوري، التي زادتها كورونا سوءاً.

وتكشف هذه المصادر ان التطمينات التي تصل إلى لبنان، من دول صديقة وشقيقة تشدد على ان البلد غير متروك لقدر السقوط،  وهذا أمر لا يُسمح به.

خطأ قانون قيصر
وعلى خطّ آخر أبلغ ديبلوماسي لبناني سابق “نداء الوطن” بارتكاب الدولة اللبنانية خطأ جسيماً بتكليفها السفير اللبناني في واشنطن غابي عيسى معالجة تداعيات “قانون قيصر” المحتملة، بدلاً من المرور عبر القنوات الديبلوماسية المعتمدة، مشيراً الى أن عيسى “غير مؤهل” لمعالجة موضوع بهذه الخطورة.