الحكومة تعيد النظر بخطتها الانقاذية… القضاء يصرخ ‘هرغلتونا’

21 يوليو 2020
الحكومة تعيد النظر بخطتها الانقاذية… القضاء يصرخ ‘هرغلتونا’

لا تزال المافات الشائكة تسيطر على الحكومة، التي باتت عاجزة عن تخطي الأزمات التي لا تزال تعصف في البلاد، ان لناحية الظلمة التي تعاني منها جميع المناطق او لناحية الأزمة الاقتصادية الصعبة، او حتى لناحية التعثر في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والذي سيحتم على الحكومة اليوم اعادة النظر في خطتها الانقاذية، وجتى لناحية الارتفاع الجنوني في عداد كورونا.

في هذا الوقت، لا تزال دعوة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارى بطرس الراعي لاعتماد الحياد في مسعى لانقاذ البلاد، على وقع الترقب لزيارة وزير الخارجية الفرنسية وما سيحمله من طروحات انقاذية.
مجلس الوزراء
اذاً، يعقد مجلس الوزراء جلسة له اليوم، يرجح ان تخلو من التعيينات وقد يكون البارز فيها موضوع التدقيق المالي الجنائي وبت الموضوع في التدقيق بحسابات مصرف لبنان معلنة انه ينتظر ان يقدم وزير المال تقرير الأجهزة الأمنية بشأن الشركات المقدمة.
الى ذلك لفتت المصادر الوزارية الى ان تطورات ملف كورونا تحضر انطلاقا من ضرورة الأيعاز بفرض التوعية واتخاذ الأجراءات الرادعة.
هذا ويعود الملف المالي الى الواجهة اليوم من خلال إعادة طرح تعديلات على الخطة المالية للحكومة ويفترض أن تتركز المحاولة الحكومية الجديدة على تثبيت أرقام الخسائر المالية كمدخل اضطراري لاعادة تحريك المفاوضات مع صندوق النقد الدولي علما أن المواقف والتصريحات التي أدلى بها مسؤولون في صندوق النقد الدولي، كشفت عمق المأزق الذي تواجهه الحكومة في إحياء المفاوضات.

ومن المتوقع أن يصل وفد من شركة “لازار” الاستشارية إلى بيروت خلال الأسبوع الجاري للمساعدة في إمكان إعادة النظر في خطة الحكومة والاتفاق على أرقامها.
وقال وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار في تصريح لـ”اللواء” ان لا خلاف على مبدأ التدقيق المالي وهذا ما ظهر في مجلس الوزراء انما لا بد من التدقيق بهوية الشركات. وفي مجال اخر امل الوزير نجار ان يقر مجلس الوزراء في جلسته اليوم بند تدوير اعتمادات لم تصرف من موازنة العام 2019 لأعادة تأهيل الطرقات الدولية والبالغة قيمتها 192 ملياراً معلناً أن هذا البند يشمل الطرقات الدولية المعروفة في بيروت والشمال والجنوب وضهر البيدر. وقال ان هذه الطرقات توازي الأمن الغذائي وهي ضرورة لسلامة المواطن مثلها مثل الصحة العامة.
وتشير المعلومات لصحيفة “الأخبار” الى طرح وزير المال غازي وزني لأسماء عدد من الشركات حتى يصار الى اختيار واحدة. ويفترض أن تأتي هذه المسألة من خارج الجدول، فالبند الأول المطروح من وزني يتطرق حصراً الى طلب موافقة الوزراء على الصيغة النهائية للعقود المنوي توقيعها بين الحكومة وكل من شركة KPMG وOliver Wyman بهدف تبيان الاسباب الفعلية التي آلت بالأوضاع المالية والنقدية الى الحالة الراهنة من خلال القيام بالتدقيق المحاسبي في حسابات مصرف لبنان. الخرق البارز في جلسة اليوم هو البدء بطرح مشاريع قوانين إصلاحية تسهم في وضع الخطة المالية المفترض الاتفاق حولها موضع تنفيذ. وهذا المشروع يرمي الى استحداث عدد من الأحكام القانونية وتعديل بعضها الآخر المتعلق بالضرائب، كالإعفاءات الضريبية، والضريبة على القيمة المضافة، وقانون ضريبة الدخل، ونظام الشركات القابضة، ورسم الاستهلاك على المازوت، والتصريح عن نقل الأموال عبر الحدود.

وفيما يُعد أهمها طرح فرض ضريبة إضافية تصاعدية على الحسابات الدائنة المفتوحة لدى المصارف التي تزيد قيمتها على مبلغ 400 ألف دولار لتكون بمثابة إجراء بديل أو مواز للهيركات، يبقى اقتراحا الضريبة على القيمة المضافة ورسم الاستهلاك على المازوت الأخضر، إذ من الممكن أن يتضمّنا إمكان زيادة هذه الضرائب، مع ما يعنيه ذلك من كارثة على المستهلكين، ومؤشر على عدم نية الحكومة إجراء إصلاح ضريبي جدّي يؤمن شيئاً من العدالة في فرض ضريبة تصاعدية على «الصحن الموحد» لدخل الأسرة، بدل زيادة الضرائب غير العادلة على الاستهلاك. ولم تتضح ماهية الاقتراح الذي لم يتم توزيع تفاصيله على الوزراء. وفيما كان ملف مراقبة الحاويات التي تدخل عبر المعابر البرية خلافياً، أعيد طرحه للنقاش على شكل مشروع مرسوم يتعلق بالنظام الإلزامي لمعاينة ومراقبة الحاويات والبضائع والمركبات لدى دخولها الأراضي اللبنانية وخروجها منها وخلال عبورها لهذه الأراضي وتحت الأوضاع الجمركية كافة، كشرط أساسي وإلزامي لإنفاذ المهمة المنوطة بإدارة الجمارك.
الحجز على “الحاكم”
وسط هذه الأجواء، برز أمس القرار القضائي الذي قضى بالحجز على جميع ممتلكات حاكم مصرف لبنان، قد أطلقت مصادر قضائية أمس صرخة مدوية عبر “نداء الوطن” بقولها للسياسيين: “هرغلتونا وهرغتلو القضاء”.
فالمصادر القضائية التي نددت بالإمعان الحاصل في استخدام السلطة القضائية “كصندوق بريد للرسائل السياسية”، لم تتردد في إدراج قرار القاضي فيصل مكي ضمن إطار واحد مع القرار الذي سبقه إليه القاضي محمد مازح بحق السفيرة الأميركية، مشددةً على أنّ كلا القرارين تجمعهما “أبعاد سياسية أكثر منها قضائية”. وفي حيثيات إلقاء الحجز الاحتياطي على سلامة لفتت المصادر إلى أنّ أقل ما يقال فيها إنها “حيثيات ركيكة” لا سيما وأنها أتت لتحجز “على ممتلكات تُقدّر بملايين الدولارات مقابل دعوى جزائية مقامة على أساس المطالبة بمبلغ إجمالي يقدر بـ75 ألف دولار”، موضحةً أنّه “إذا كان في الشكل الإجرائي يمكن النظر إلى هكذا قرار من زاوية أنّ أي دعوى جزائية مماثلة تعتبر كافية لإلقاء الحجز الاحتياطي تلافياً لضياع الحقوق، لكن في قضية تتعلق بحاكم مصرف مركزي لا يمكن أن يترتب عن هكذا إجراء سوى مزيد من الإساءة للبنان وتكريس لصورة انعدام الثقة به داخلياً وخارجياً”.

ورداً على سؤال، أجابت: “من يتابع مسار القضية يكتشف أنّ الدين المدعى به غير مرجح الوجود والوقائع المحيطة بالملف لا تنطبق عليها إمكانية تقديم حجز احتياطي لصالح الدائن المدعي طالما أنه لم يُثبت وجود دين على مدين تخلف عن السداد”. وأضافت: “في الملف الأساس قد تستغرق قضية كهذه عشرات السنوات وما حصل لا يعدو كونه إجراءً شكلياً في بُعده القضائي، لكنه يصبح مؤشراً جوهرياً ومحورياً إذا ما تم النظر إلى أبعاده الدالة على عمق تدخل السياسة في القضاء وعلى وجوب أن تشكل استقلالية القضاء أولوية لا تتقدم عليها أي أولوية في المرحلة الإصلاحية”، متوجهةً إلى مجلس النواب وإلى لجنة الإدارة والعدل على وجه أخص بالقول: “إرحموا القضاء وأسرعوا في إقرار قانون استقلاليته لأنّ الأمور بدأت تتجه نحو المهزلة”.

وما لم تقله المصادر القضائية، عبّرت عنه صراحةً مصادر سياسية متابعة للقضية لـ”نداء الوطن” واضعةً قرار إلقاء الحجز الاحتياطي على ممتلكات حاكم مصرف لبنان في سياق رسائل “هز العصا” له وللأميركيين من ورائه، لافتةً إلى وجود “تقاطع سياسي” بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” يفضي إلى اتخاذ هكذا قرارات تصبّ في خانة السعي إلى “خلخلة” كرسي الحاكمية تحت أقدام سلامة “بانتظار الفرصة المؤاتية لاستبداله بحاكم “عوني” إذ يكفي أن يقول أحدهم إنّ القاضي الذي أصدر هذا القرار هو القاضي نفسه الذي حجز على ممتلكات النائب هادي حبيش في قضية المدعية غادة عون، ويسأل آخر عما إذا كان من قبيل الصدف أن يكون شقيقه هو منسق “التيار الوطني” في منطقة النبطية”.
التحضيرات لزيارة لو دريان
لاحظت مصادر مطلعة ان هناك تبايناً جدياً، أو خلافاً بين بكركي وبعبدا حول موضوع الحياد، وإمكان وضعه موضع التنفيذ، من وجهة نظر فريق بعبدا، وأعربت عن خشيتها من ان يترك هذا التباين انعكاسه على المحادثات مع وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، الذي يصل إلى بيروت بعد ظهر غد على ان يبدأ محادثاته الرسمية في اليوم التالي (الخميس)..

ويلتقي لودريان عند التاسعة والنصف صباحاً الرئيس ميشال عون، والعاشرة والنصف الرئيس حسان دياب، والثانية عشرة الا ربعاً الرئيس نبيه برّي، والواحدة بعد الظهر الوزير ناصيف حتي، الذي زار بعبدا أمس.
وأكدت مصادر معنية بالتحضيرات الجارية لزيارة وزير الخارجية لـ”النهار” أن اللقاء الذي سيجمعه والبطريرك الراعي سيتسم بأهمية خاصة نظراً الى توافق وجهات النظر تماماً بين فرنسا وبكركي في شأن تحييد لبنان أو نأيه بنفسه عن الصراعات الاقليمية كأحدى ركائز المعالجات الأكثر إلحاحاً للأزمة اللبنانية الخانقة. ومعلوم أن لودريان يصل غداً الى بيروت على أن يبدأ لقاءاته الرسمية الخميس في جولة على رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة ووزير الخارجية ناصيف حتي، كما يزور في اليوم التالي بكركي للقاء البطريرك الراعي الذي سينتقل من الديمان الى بكركي خصيصا لهذا الغرض. كما سيعقد وزير الخارجية الفرنسي مروحة من اللقاءات مع سياسيين ونواب وووجوه اقتصادية ومالية في قصر الصنوبر.
محضر لقاء السراي
وفي الغضون، أتى محضر اللقاء الذي نقله منشد “حزب الله” علي بركات عن لسان رئيس الحكومة ليستحوذ على مكانة بارزة من شريط المتابعات الإخبارية، لا سيما وأنّ أوساطاً مطلعة على فحوى ما جاء في تغريدة بركات أكدت لـ”نداء الوطن” أن المعطيات المتوافرة لديها تفيد بأنه نقل “بأمانة” ما سمعه من دياب، سواءً لجهة تباهيه أمامه بخوض “مواجهة مباشرة مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا اضطرتها إلى التراجع” أو لناحية تأكيد عزمه على التوجه شرقاً نحو إيران باعتبارها “الخرطوشة الأخيرة”، غير أنّ تسريب هذا الحديث إعلامياً “أربك دياب ووضعه في موقف محرج أمام السفيرة الأميركية ما اضطره إلى إصدار بيان نفي رسمي للموضوع لكن من دون أن يذكر فيه بركات بالاسم لأنه أدرى بما قاله له”.

وفي حين آثرت مصادر ديبلوماسية عدم الخوض في حديث عن “إنجازات ومعارك دونكيشوتية غير موجودة على أرض الواقع”، اكتفت بالقول رداً على سؤال لـ”نداء الوطن”: “ما نعلمه علم اليقين أنّ ما جرى خلال اجتماع رئيس الحكومة اللبنانية مع السفيرة الأميركية هو على النقيض تماماً مما سمعناه بالأمس”.