رسالتان واضحتان لـ ‘لودريان’… مبادرة فرنسية في الأجواء ومساعي لتليين الموقف الأميركي

23 يوليو 2020
رسالتان واضحتان لـ ‘لودريان’… مبادرة فرنسية في الأجواء ومساعي لتليين الموقف الأميركي

تمضي الأزمة اللبنانية نحو مزيد من التأزم، مُثقلة بمسارات صعبة طبعت في الأيام الأخيرة عناوين السياسة والمال والاقتصاد والصحة. ترافق ذلك مع مؤشرات لواقع قد يكون الأكثر خطورة، سواء على خط معركة الحياد التي أطلقها البطريرك الماروني بشارة الراعي، أو لجهة تخبّط الطبقة الحاكمة في محاولاتها إخراج المفاوضات مع صندوق النقد الدولي من دائرة التعثر، بالتوازي مع فقدان المناعة ضد فيروس كورونا الذي وجد طريقه إلى التغلغل في عدد كبير من المناطق.

وينشغل لبنان اليوم بالمحادثات الرسمية والسياسية مع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الذي وصل ليل أمس إلى بيروت في زيارة ليومين، وتشمل لقاءات سياسية ومع المجتمع المدني، ومديري المدارس الفرانكوفونية، فضلاً عن زيارات هادفة سياسياً وطبياً من ضمن اهتمام فرنسي، على وقع ضغط أميركي متزايد على لبنان، من باب محاصرة “حزب الله” وفي ظل توتر إقليمي، يمتد إلى جنوب لبنان، مع تنامي المخاوف من تصعيد بين إسرائيل وحزب الله.
جولة لودريان تبدأ اليوم
اذاً، يبدأ الوزير لودريان اليوم لقاءاته الرسمية وسط انشداد سياسي وديبلوماسي الى زيارته ومهمته التي تستمر حتى بعد ظهر غد، باعتبار أن هذه الزيارة شكَّلت خرقاً ديبلوماسياً يتيماً وبارزاً لشبح العزلة الذي يعيشه لبنان والذي انعكس تداعيات سلبية عليه وسط مكابرة حكومته وإمعانها في اتباع سياسات الإنكار حيال الخارج كما الداخل. ولذا ستكون الأنظار مشدودة الى المواقف التي سيعبّر عنها لودريان من خلال بعض محطات برنامجه، علماً أن المعلومات الديبلوماسية المتوافرة لدى “النهار” عن زيارته تشير الى أن مهمته ذات شقين أساسيين:
الشق الأول يتناول الرسالة السياسية والديبلوماسية الفرنسية التي تحرص باريس على إبلاغها مباشرة الى المسؤولين اللبنانيين والتي تتلخص بأن الموقف الثابت لفرنسا من الحفاظ على استقرار لبنان ومصالحه العليا وتخلّصه من الأزمات الصعبة والخطيرة التي يواجهها لن يتغير في أي ظرف. لكن باريس لن تخفي مجدداً بلسان رئيس ديبلوماسيتها الإستياء البالغ الذي يساورها، كما يساور المجتمع الدولي المعني بدعم لبنان، من المسار المتعثّر والجامد للاصلاحات والتقاعس غير المبرّر للحكومة والسلطات عن استعجال إطلاق الخطوات الاصلاحية التي لن يكون هناك أي دعم دولي ملموس للبنان من دونها. ولعل أبلغ دليل على أن مهمة لودريان ستكون محصورة بمسألة الاصلاحات والدعم وما يمكن مدّ لبنان به من مساعدات ضرورية، هو أن برنامج زيارته خلا من أي لقاء مع أقطاب المعارضة وحصر باللقاءات الرسمية والبطريرك الماروني وبالزيارات ذات الطابع التربوي والصحي والاجتماعي، في ما فسّرته الأوساط المعنية لـ”النهار” بأن الوزير الضيف لا يحمل مبادرة سياسية كانت ستضطره في حال وجودها الى عقد لقاءات مع المعارضة وكذلك مع “حزب الله”.

أما الشقّ الأساسي الثاني من الزيارة فسيتضمن إعلان الوزير لودريان عن مساعدات فرنسية ملموسة في المجالات التربوية والصحية والاجتماعية والانسانية ترجمة لالتزام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عدم ترك لبنان يتخبّط في أزماته من دون دعم حيث يفترض مده بالدعم الاضطراري.
كما ستركز زيارته بحسب “اللواء” على استطلاع الاستعدادات اللبنانية لاستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والبوح بالوضع الذي آلت إليه مقررات مؤتمر سيدر، وتوجه الرئيس عمانويل ماكرون على هذا الصعيد، والوقوف على فكرة الحياد التي طرحها البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، والإعلان عن دعم فرنسا لها، وما تبذله في الاتصالاته العربية والإقليمية والدولية لهذه الجهة، وضمان استقرار واستقلال لبنان من زاوية اعتماد سياسة النأي بالنفس، فضلاً عن الوضع المتعلق بالقرار 1701 إضافة إلى دعم مؤسسات اجتماعية (مؤسسة عامل) وحاجة لبنان لمكافحة فايروس كورونا، ودعم المؤسسات التربوية الفرانكوفونية والمسيحية في لبنان والمنطقة.
اهتمام فرنسي بلبنان
وفي هذا السياق، ذكرت مصادر وزارية ورسمية معنية لـ”اللواء” ان زيارة الوزير الفرنسي الى بيروت هي مهمة بحد ذاتها بغض النظر عمّا يحمله الوزير لأنها دليل استمرار الاهتمام الفرنسي بلبنان من كل الجوانب.

واشارت المصادر الى انه المتوقع من زيارة لودريان إعلان دعم المدارس الفرنكوفونية حسبما ذكرت بعض المعلومات، ودعم طلب لبنان التجديد لقوات الامم المتحدة العاملة في الجنوب من دون تغيير في مهامها وعديدها، وهو دعم تؤيده ايضا دول اوروبية اخرى. اما الدعم المالي والاقتصادي فلن يكون مباشراً ولن يحصل قبل حصول تقدم عملي واضح في برنامج الاصلاحات الحكومية، وسيتم البحث خلال الزيارة في ما انجزته الحكومة حتى الان وفي احتياجاتها وما يمكن ان تقدمه فرنسا سياسياً واقتصادياً. عدا ذلك لا معطيات واضحة عمّا سيحمله لودريان، وكل الكلام الذي نسمعه مجرد كلام إعلامي.

وقالت مصادر لبنانية معنية لـ”اللواء” ان ثمة اجوبة جهزت كي تشكل ردا على استفسارات لودريان حول الخطوات الواجب اتخاذها من اجل الولوج لحل الأزمة في لبنان.

ومن المنتظر ان يعدد المسؤولون ما تم تنفيذه على صعيد بعض الخطوات وبعض المعوقات التي تحول دون السير بخطوات اخرى إصلاحية.
وعلى جدول النقاط التي سيثيرها الرئيس برّي مع الوزير لودريان مسألة دعم فرنسي لموقف لبنان في الأمم المتحدة، لجهة تمديد مجلس الأمن الدولي لليونيفل، انطلاقاً من الحفاظ على روحية القرار 1701، وعدم القبول بأي تعديل لبنوده.
هذا وذكرت صحيفة “الأخبار” أن لودريان قد يلتقي وفداً من حزب الله في اطار الجولة التي سيقوم بها على القيادات اللبنانية.