وفي تغيّر أساسي في موقف الولايات المتحدة من اليونيفيل، قال المتحدث باسم الخارجية، إن الأمم المتحدة لا يمكن أن تقوم بمهامها بدلاً من الحكومة.
وفي مسعى لفهم أكبر للتوجّه الأميركي، قالت مصادر على صلة وثيقة بالإدارة الأميركية ووزارة الخارجية “إن كل الخيارات مطروحة”، فالولايات المتحدة تريد أولاً إصلاحاً في مهمة الأمم المتحدة في لبنان، ولا ترى أن ما تقوم به اليونيفيل يسير بحسب انتدابها.
ويعود مسار إعادة النظر داخل الإدارة الأميركية إلى أكثر من عام، ويقول أصدقاء لمساعد وزير الخارجية الأميركي دايفيد شانكر، إن الوزير مايك بومبيو طلب منه في أول مهامه أن يعدّ ورقة عمل حول اليونيفيل.
سارت آلية إعادة النظر، نزولاً في سلّم الموظفين وصعوداً في سلّم الإدارة الأميركية وصولاً إلى الوزير والبيت الأبيض، وأخذت أكثر من عام، وتمّ الإعلان عنها قبل شهر من انعقاد مجلس الأمن الدولي وموعد التصويت السنوي على انتداب قوات حفظ السلام في جنوب لبنان.
وكانت لشانكر آراء عدة حول مهمة اليونيفيل قبل أن ينضم إلى الإدارة الأميركية، لكنه ليس الوحيد الذي ينظر بتشكك إلى تطبيق انتدابها ومهامها، فهناك شخصيات كبيرة انخرطت في مراجعة الموقف، بدءاً من السفيرة السابقة إليزابيث رتشاردز، وصولاً إلى السفيرة الحالية دوروثي شيا، ووكيل وزارة الخارجية دايفيد هايل، وهو شخصية وازنة في الخارجية والإدارة وكان سفيراً لبلاده في لبنان.
أما القاعدة الذهبية التي يتبعها البيت الأبيض فهي عدم صرف أموال الأميركيين على برامج ومؤسسات لا تقوم بعملها، أو تأخذ التمويل من الولايات المتحدة وتنفّذ أجندات وتوجهات دول أخرى معادية، وهذا ما حدث مع منظمة الصحة العالمية.
ولا شك أن المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة كيلي كرافت ستكون واجهة الإدارة الأميركية في النقاشات المقبلة مع باقي المندوبين في مجلس الأمن الدولي.
المطلوب إصلاح اليونيفيل
أما المقترحات المحددة لإعادة النظر في مهمة تلك القوات الدولية، فتبدأ مع شعار الإصلاح ونقل المهمات إلى الحكومة اللبنانية ومؤسساتها، وصولاً بحسب مؤسسات ضغط غير رسمية، إلى اقتراح خفض عديد قوات اليونيفيل، وتجميع عملها في المنطقة الحدودية فقط، وزيادة المراقبة الجوية والاحتفاظ بالقوة البحرية الدولية، وآلية الاجتماعات العسكرية اللبنانية الإسرائيلية برعاية الأمم المتحدة.
المؤشرات الأولى على طرح “إعادة النظر في مهمة القوة الدولية” تقول إن الأطراف الدولية لديها ردات فعل متفاوتة، فروسيا بحسب أولى المؤشرات وضعت الأميركيين أمام خيار إبقاء الوضع الحالي على ما هو عليه أو استعمال حق النقض ضد أي قرار أميركي جديد.
ولا شك أن الموقف الروسي ليس مستغرباً، فموسكو تجد ذاتها على طرفي نقيض من كل ما تفعله الولايات المتحدة وتريد أن تقول لواشنطن إنها دولة عظمى ويجب على الولايات المتحدة أن تعبر من بوابة روسيا في أي مجال دولي.
خيار الإصلاح
أما الحكومة اللبنانية فأعلنت أنها لا تريد أي تغيير في مهمة القوات الدولية لكن دبلوماسييها يقدّرون أن الحكومة الأميركية لن تصل في ضغوطاتها إلى إنهاء مهمة القوات الدولية، بل يعتقدون أن “واشنطن تسعى إلى إدخال تعديلات على مهمتها، وأي تعديل سيكون إنجازاً عند الأميركيين”.
الجزء الآخر من معادلة التعديلات التي لم يصدر أي ردّ فعل عليها هو الانعطافة الكبيرة في موقف واشنطن التي تطالب لبنان بأن يكون مسؤولاً عن الحدود وأن تأخذ حكومته المهمة على عاتقها بدلاً من اليونيفيل.
إلى ذلك، يؤكد الأميركيون مراراً أن هدفهم هو إصلاح مهمة القوات الدولية العاملة في لبنان وليس إلغاءها، ويشدّدون على أن بقاء تلك القوات بعدد أقل ربما يكون مناسباً، لكن الفشل في التوصل إلى توافق حول التعديل يضع مسألة التجديد لها أمام خيارات مفتوحة، في حين يؤكد الأميركيون أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة.