لا يختلف إثنان على صدق النوايا الفرنسية تجاه لبنان، لكن موقف لودريان “ساعدونا لنساعدكم” والذي ردده على مسامع كل المسؤولين الذين إلتقاهم يعكس عجزا واضحا من قبل “الأم الحنون” تجاه أبنائها اللبنانيين وتقديم الدعم إليهم لاخراجهم من المستنقع الذي سقطوا فيه، في ظل الحصار الأميركي الذي يضع “فيتو” على أية مساعدات حقيقية، وقد ترجم ذلك قبل فترة خلال لقاء مجموعة الدعم الدولية للبنان في فرنسا، عندما سعت الادارة الأميركية الى منع الأوروبيين من تقديم المساعدات له، وكان لها ما أرادت.
لذلك بدا واضحا أن لودريان لم يحمل أية مبادرة سياسية تساعد لبنان على الخروج من أزمته، أو تمنحه أسبابا تخفيفية لدى الأميركي باستثناء الدعوة لترجمة “الحياد” الذي طالب به الكاردينال بشارة الراعي الى “نأي بالنفس” عن كل توترات المنطقة.. كما لم يحمل حلولا إقتصادية سوى التشديد على إنجاز الاصلاحات لتسريع المفاوضات ودعم لبنان لدى صندوق النقد الدولي، ما أعطى إنطباعا أن مساعدة لبنان لم يعد قرارا فرنسيا مستقلا، وإنما بات مرتبطا بما سيقدمه لبنان للمجتمع الدولي، من هنا كان تشديد لودريان على موقفه “ساعدونا لنساعدكم”.
تقول المعلومات المسربة عن الزيارة، أن لودريان كان شديد اللهجة مع المسؤولين اللبنانيين، وخصوصا مع رئيس الحكومة حسان دياب الذي تعرض الى ما يشبه “التأنيب” الفرنسي، بعدما حاول إيهام رئيس الدبلوماسية الفرنسية أن حكومته قدمت 97 بالمئة من الانجازات وإقناعه بأنها ماضية بالاصلاحات، في حين لم يخف لودريان أن الحكومة لم تقدم حتى الآن أية إصلاحات، ولم تقم بأية إنجازات، وأن ما يحاول دياب تمريره على اللبنانيين، لا يمكن أن يمر على المجتمع الدولي وخصوصا فرنسا المطلعة على كل التفاصيل السياسية والاقتصادية والاجتماعية اللبنانية.
وتشير المعلومات الى أن لودريان أبلغ الرئيس دياب بأن حكومته لا يمكن أن تكمل على هذا المنوال، مستغربا كيف أن بلدا يتم منحه 11 مليار دولار في مؤتمر سيدر، تمتنع حكومته عن القيام بما هو مطلوب منها على صعيد الاصلاحات وتعمل على إهدار هذا المبلغ الذي من شأنه أن يحل أكثر من نصف الأزمة، وكأنها بذلك تطلق النار على نفسها وعلى البلد.
وتضيف المعلومات إن لودريان عبر عن إستيائه من نهج الحكومة ومن السلطة عموما، معتبرا أن ما يحصل في لبنان سابقة مزعجة، خصوصا أن البلد يمتلك كل مقومات النجاح، لكن السلطة تغض النظر عنها وتتفرج على البلد كيف يغرق وعلى أهله كيف يتخبطون في أزماتهم المعيشية والاقتصادية.
أمام هذا الواقع، فإن زيارة لودريان جاءت لتضغط أكثر فأكثر على الحكومة التي من المفترض أن تعبر عن حسن نواياها تجاه الأم الحنون التي لا تعوّل على الوعود، بل على الأفعال وعندها تبني على الشيء مقتضاه.