لودريان يغادر لبنان… فالج لا تعالج!

25 يوليو 2020
لودريان يغادر لبنان… فالج لا تعالج!

أفضل وسيلة للهجوم هي الدفاع. هكذا نصح مستشارو رئيس الحكومة حسّان دياب التعامل مع ضيفه الفرنسي. لا تتركه “يأكل راسك”. أنت غير مسؤول عن كل تلك التركة الثقيلة. الحلول لا تأتي بكبسة زر. يجب معالجة أسباب الأزمة، بل الأزمات، قبل البدء بأي عملية إصلاحية. أي عمل إصلاحي لن يوتى ثماره قبل مكافحة الفساد. ومكافحة الفساد لن تكون إلا إذا إقتنع بجدواها جميع اللبنانيين من دون إستثناء. وعملية محاربة الفساد لا تتم إلاّ أذا كان القضاء مستقلًا وبعيدًا عن كل التأثيرات السياسية السلبية.

بهذه الطريقة واجه رئيس حكومة لبنان، وهو الطارىء على الحياة السياسية، رئيس الدبلوماسية الفرنسية المحنّك والمخضرم والمشبع ثقافة سياسية والمطلع على أدث تفاصيل القضية اللبنانية بكل مندرجاتها. إستمع إلى حسًان دياب وهو يهزّ برأسه، أدبًا وإستهزاء.

وقبل أن ينتهي رئيس حكومة لبنان من كلامه، وفق سيناريو إفتراضي، إستفاض جان إيف لودريان في مطالعته، وهو إستفاد من ضعف حجج دياب ليشنّ هجومًا واسعًا على حكومة اللون الواحد، بإعتبار أن حجم الأزمات التي يعيشها لبنان تحتاج إلى حكومة تضم مختلف الشرائح السياسية من دون خلفيات، ومن دون الحاجة إلى فتح مجلس عزاء في كل مرّة تواجه حكومة “إنجازات 97 في المئة” بالحقائق والأرقام وعجزها وفشلها في تحقيق ما يطالبها به المجتمع الدولي من أصلاحات لم ترَ النور، وهي إكتفت بالقشور من دون أن تغوص في الجوهر.

وأعطى لودريان مثالًا عن تقاعس الحكومة بالقيام بأدنى واجباتها موضوع الكهرباء، مستغربًا مقولة “Ils ne nous laissent pas travailler”. وسأل من هم هؤلاء الذين لا يتركونكم تعملون، هل لهم اسماء أم هم اشباح غير موجودين سوى في مخيلاتكم لتبرير فشلكم في التخلص من سياسة المحاصصة، فكانت النتيجة في تعيين مجلس جديد لشركة كهرباء لبنان أن كل واحد من أهل السلطة أتى بمن هو قريب منه وتُرك الأكفأ جانبًا لأنه غير مقرّب من العهد وحلفائه. والأنكى من كل ذلك أنه ترك رئيس مجلس إدارة الشركة في مكانه ولم يتم تعيين بديل منه، مع أنه من حيث المبدأ ونظريًا هو المسؤول عمّا آل إليه وضع الكهرباءن لأنه كان على راس هذه المؤسسة الفاشلة طوال عشرين عامًا .

بأي إنطباع خرج الوزير لودريان من السراي الحكومي؟

إنطباع إفتراضي بالطبع، ولكنه واقعي:

الرجل نرجسي إلى درجة متناهية.

لا يجيد الإصغاء.

لا يقتنع إلا بما هو قريب من وجهة نظره.

محاور فاشل.

سياسي مبتدىء.

مقاربته للمواضيع المطروحة غير موضوعية.

يناقش من دون خلفية سياسية.

وهل كان ينقص لبنان مصيبة أخرى فوق مصائبه الكثيرة، وهل كان ينقصه أن يُنشر غسيله الوسخ فوق برج إيفيل؟

بهذا الانطباع خرج الوزير الفرنسي الضيف من لبنان، وهو يردّد بينه وبين نفسه المثل اللبناني الشائع: فالج لا تعالج.