العودة إلى مزارع شبعا: الردّ آتٍ والحرب مؤجلة

ربما كان حزب الله في المرحلة الأولى أو الثانية من العملية، ولم يصل إلى الخواتيم

28 يوليو 2020
العودة إلى مزارع شبعا: الردّ آتٍ والحرب مؤجلة
منير الربيع
منير الربيع

لا أحد يريد الحرب كثرة التصريح والتلويح، تشير إلى أن كل الأطراف تهاب الانفجار.

التوتر مستمر والتصعيد قائم.

لكن لا مؤشرات حول اندلاع الحرب الكبرى. إسرائيل ليست في الوارد، وربما غير قادرة.. إلا إذا كان هناك ما ليس متوقعاً.

في المقابل ثمة قراءة ثانية، تعتبر أن إسرائيل تستدرج حزب الله إلى حرب. والحزب لن يقع في هذا الفخ، لأنه ليس في الوارد. حريص على بيئته، ويواجه أعتى الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.


وأي انفجار قد يؤدي إلى خسارة مكتسبات كثيرة. الحرب النفسية أكبر من تلك الواقعية


لكن الواقع المتوتر يتقدم أكثر. ماذا تريد إسرائيل؟ هل تريد الحرب؟ هل تنتهز فرصة الأسابيع الأخيرة من ولاية دونالد ترامب، فتشعل الجبهة اللبنانية، باعتبار أن الظروف مؤاتية، ولن يأتي مثلها فيما بعد؟

الرواية الملتبسة
ما جرى بالأمس يحتاج للكثير من المعلومات لتتوضح معالمه. في الأيام المقبلة ستتسرب المعلومات تباعاً. إسرائيل تقول إن ادعاءاتها موثقة.

حزب الله نفى أنه همَّ بتنفيذ عملية عسكرية، وتوعد أن ردّه آتٍ قريباً.

جزء من ضياع الرواية، يشير إلى الضياع الأوسع الذي يحيط بمجريات الجبهة، كما بالمجريات السياسية المرتبطة بها. القصة لن تنتهي عند حدود مساء الاثنين. ثمة فصول ستتوالى.

قد تتغير الأشكال أو تبقى على قواعدها الكلاسيكية.

يعرف حزب الله كيف يجيّر الحرب النفسية لصالحه. أظهر إسرائيل في موقع المرتبك والخائف، فيقول إن الخوف دفعها إلى تخيّل حصول عملية تسلل وتحضير من قبل الحزب لتنفيذ عمليته.

الحزب قادر على تسويق هذه الرواية في لبنان، على الرغم من الإعلان الاسرائيلي عن امتلاك توثيقٍ لما جرى.

حسب المعطيات، فإن الحزب كان يستعد لتنفيذ عملية، أو ربما لجأ إلى تكتيك عسكري لإشغال الإسرائيليين في نقطة، والتنفيذ في موضع آخر. وهذا ربما يفسر التضارب في الروايات الاسرائيلية.

تارة عملية التسلل، أو استهداف ناقلة جند بصاروخ، أو حصول اشتباك وإطلاق نار. هذا جزء من عدة المعركة. وتقول المعطيات إن الاستنفار الحاصل في الجنوب منذ أيام، كان يؤشر إلى حتمية حصول عمل عسكري.

ما إن تواردت الأنباء حتى ظهر أيضاً تضارب في رواية حلفاء الحزب وجمهوره. طبعاً، الحزب غير ملزم بهذه الروايات طالما بقي على صمته، إلا ان خروج المواكب لتوزيع الحلوى احتفاء بالعملية مؤشر للتهيؤ النفسي والعملي لحصول العملية. خصوصاً أن والدة فقيد الحزب في سوريا هي التي عملت على توزيع الحلوى.

الجيش واليونيفيل
ربما كان الحزب في المرحلة الأولى أو الثانية من العملية، ولم يصل إلى الخواتيم. لذا، أتى نفي الحزب فيما بعد وتأكيده بأن ردّه لم ينفذ وسينفذه.

وحسب المعطيات أيضاً فإن قوات اليونيفيل وحتى الجيش اللبناني اللذين يحققان بما جرى أصبح لديهم المعلومات اللازمة حول ما حدث.


وأن هناك عملية كانت محضرة، لكنها لم تحقق هدفها


لم يُحسم بعد إذا ما فشلت العملية، أم أُفشلت من قبل الاسرائيليين، أم أن حزب الله اختار تغيير الهدف أم المناورة بها؟ لكن ما جرى يفترض أن يغيّر وجهة العملية التي سيرد فيها الحزب.

قد لا يكون الخيار الجديد منحصراً بالقواعد السابقة باستهداف آلية عسكرية أو ناقلة جند.

إنما لا بد من التوجه إلى هدف آخر، في الجو أو في البحر مثلاً. وقد لا يفعل، حفاظاً على سرية تقنياته العسكرية.

رد الفعل وقواعد الاشتباك
لكن، بلا شك، إن الاسرائيلي الذي يستمر بتهديد الحزب واعتباره يلعب بالنار، والإشارة إلى أن الرد سيكون قاسياً، ويلقي بالمسؤولية على لبنان كدولة. سيتخذ من هذه العملية محاولة لجس نبض الحزب.


بمعنى أن الاسرائيلي استهدف مواقع في الأراضي اللبنانية، ولم تُعرف ماهية الأهداف


هل كان هناك عناصر من الحزب استهدفوا بالقصف؟ المسألة تتعلق برد فعل حزب الله. قياس الردّ ومداه، يفترض أن يحدد ما سيأتي في المقبل من الأيام. إما تثبيت قواعد الاشتباك، أو ربما رفضها إسرائيلياً وتنفيذ التهديد بالرد الأقصى، فتتحول قواعد الاشتباك من ضربة مقابل ضربة إلى معركة أوسع.

أما بحال عدم رد الحزب، فإن الاسرائيلي قد يتحفز لتنفيذ عمليات عسكرية أخرى في لبنان، وضرب أهداف يريدها. وهذا ما لا يمكن لحزب الله أن يقبل به.

فهو ليس النظام السوري، ولن يكون لديه قدرة امتصاص، كما هو حال ايران في تأجيل ردها على الضربات التي استهدفت مواقع أساسية على أراضيها.