بعد أيام على استنفار وتأهب على الحدود، في ضوء توقعات إسرائيلية بردّ من “حزب الله” على مقتل القيادي في سوريا، وبعد ساعات على إعلان الجيش الإسرائيلي عن سقوط طائرة مسيرة في جنوب لبنان، اندلعت الأجواء عند الحدود الجنوبية لبيروت، لبنان وعاشت البلاد ساعات مشدودة بعد المعلومات عن كشف اسرائيل مجموعة من “حزب الله” داخل مزارع شبعا المحتلة، ووسط تضارب في المعلومات خصوصاً ان الجيش الاسرائيلي قال إنه تم كشف خلية لـ”حزب الله” وجرى الاشتباك معها من دون الاشارة الى الخسائر البشرية سواء لدى الحزب أو في صفوف الجيش الاسرائيلي. واستمر تضارب المعطيات في شأن استهداف “حزب الله” آلية عسكرية اسرائيلية ومن ثم قالت معلومات قريبة من الحزب أن “مجموعة منه قامت بتنفيذ مهمة استطلاعية داخل الاراضي اللبنانية المحتلة وبالتالي لم تنفذ المقاومة ردّها على اغتيال أحد مقاتيلها علي كامل محسن في غارة اسرائيلية على سوريا الاسبوع الماضي”، الى ان عاد حزب الله ونفى وجود عملية من الاساس وأنه لم يكن طرفاً في أي معركة حدودية أمس مع إسرائيل، وكل ما حصل كان مجرد هلوسات إسرائيلية.
ومن هنا أصبحت خلاصة ما شهده اللبنانيون عبر الأثير مجرد أحداث وهمية لمعركة “لقيطة” مجهولة الحسب والنسب، بينما دولتهم بطبيعة الحال، كانت كما على الدوام، “آخر من يعلم” ملتزمة ضفة “الحياد” في كل ما يتصل بشؤون “حزب الله” وتوجهاته العسكرية والأمنية!
هذا التدهور الذي شهدته الجبهة الحدودية، ولو لفترة محدودة، أثار الكثير من التساؤلات والغموض في ظل مواجهة شديدة الالتباس نفى “حزب الله” أن يكون قام خلالها برده على مقتل أحد عناصره في غارة اسرائيلية على سوريا قبل أسبوع، فيما قامت اسرائيل برد مدفعي كثيف رداً على ما وصفته بتسلّل خلية إرهابية في مزراع شبعا. وبدا واضحاً أن هذه المواجهة، ولو انتهت بسرعة نسبية أمس، إلّا أنها أبقت الإصبع على الزناد بمعنى ترسيخ مناخ الاستنفار والتوتر حتى إشعار اخر في ظل ما أعلنه طرفا المواجهة اسرائيل و”حزب الله”.
نتانياهو يهدد
اسرائيل والتي أعلنت الاستنفار على الحدود، أعلن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو أن بلاده تنظر بخطورة كبيرة الى التسلل الى داخل أراضيها، محملاً الدولة اللبنانية مسؤولية اي تهور قد يقدم عليه الحزب ضد اسرائيل.
الحكومة غائبة
في هذا الوقت، وبمعزل عن البيان الذي صدر عن الجيش اللبناني والذي وصف الحادثة، لم يُعثر للدولة اللبنانية على أي أثر، سوى ان رئيس الحكومة قطع اجتماعاته واجرى اتصالات لبلورة الوضع، ولعل ما زاد أركانها إرباكاً على ارتباك كان ذلك “الغموض الموصوف” الذي حرص “حزب الله” على تعميمه وتسربت أجواؤه إلى المقرات الرئاسية والرسمية اللبنانية التزاماً بهذا التعميم ريثما يصار إلى إيجاد الصيغة الملائمة لتوصيف ما حصل في مقررات مجلس الدفاع الأعلى الذي سيلتئم اليوم ولن يخرج على الأغلب الأعمّ عن روحية بيان “حزب الله” لناحية التنديد بالعدوان الإسرائيلي والأضرار التي نتجت عنه في ممتلكات المواطنين والتأكيد على حق الدفاع المشروع عن النفس بكل الوسائل المتاحة. واكدت المصادر ان الملف الامني انطلاقا من احداث الجنوب ستحضر من خارج جدول الاعمال لافتة الى ان الموقف اللبناني الرسمي معروف لجهة ضرورة الالتزام بالقرار 1701.
لا علاقة لحزب الله بالطائرة المسيرة
وفي سياق متصل، أشارت مصادر مطلعة على موقف “حزب الله” لـ”الشرق الأوسط” إلى أن الحزب اللبناني لا علاقة له بالطائرة الإسرائيلية التي سقطت مساء الأحد.
وقالت إن الرد من الحزب “سيكون بناء على تقدير قيادة المقاومة، مع الالتزام بالحفاظ على قواعد الاشتباك”، مشيرة إلى أن الحزب غير معني بالرسالة التي بثّتها إسرائيل عبر الأمم المتحدة، ومفادها أن سقوط القيادي كان خطأ، قائلة: “هذا الأمر لا يغيّر من الأمر شيئاً.”
وفيما تجدد المصادر التأكيد على أن ما أعلنه أمين عام “حزب الله” حسن نصر الله سابقاً لا يزال ساري المفعول لجهة إسقاط ما يمكن إسقاطه من الطائرات المسيرة الإسرائيلية التي تقوم بالتصوير الجوي في الأراضي اللبنانية، تستبعد وقوع حرب بين الطرفين.