وضع أجهزة التنفس ‘كارثي’: قرارات ‘ترقيعية’ لمواجهة كورونا..وكل التطمينات كلام بالهواء!

28 يوليو 2020
وضع أجهزة التنفس ‘كارثي’: قرارات ‘ترقيعية’ لمواجهة كورونا..وكل التطمينات كلام بالهواء!

كتبت هديل فرفور في “الأخبار”: القرارات “الترقيعية” التي اتخذتها اللجنة الوزارية لمواجهة كورونا ، أمس، ليست إلا نتاجاً لتهميش المعالجات الفعلية لمكامن الخلل في القطاع الصحي والإستشفائي. كل التطمينات التي أطلقت على مدى الاشهر الاربعة الماضية عن الاستعداد للوضع الحالي ثبت أنها كانت كلاماً في الهواء، فلا مركز الحجر جهزت، ولا المستشفيات الحكومية تحضّرت، ولا الخاصة أُشركت، أو أُرغمت على الاشتراك، في مواجهة الوباء الذي لا يزال يتفشّى.

 

من بين أكثر من 2300 سرير للعناية الفائقة كان يفترض أن تكون متاحة في الوقت الراهن (وفق تقديرات غرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث في آذار الماضي)، “هناك اليوم 300 سرير فقط في غرف العناية الفائقة في كل المُستشفيات الحكومية”، بحسب رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي، الذي حذّر من الوصول إلى الانهيار ما لم تدعم الدولة القطاع الطبي.

 

 

صحيح أن أرقام الأسرّة الموعودة قبل أربعة أشهر تشمل تلك التي في المُستشفيات الخاصة، إلّا أنها سقطت عمداً في تصريح عراجي أمس، لمعرفته باستحالة أن تلعب هذه المُستشفيات الدور الذي أرادته لها الدولة. أمّا الأسرّة الـ300 في المُستشفيات الحكومية، فتُفيد المعلومات بأن قسماً مهماً منها غير قابل للتشغيل حالياً، لعدم جاهزية المُستشفيات الحكومية الـ29 الموزعة في المناطق، على عكس كل “التطمينات” التي أُطلقت سابقاً.

 

أمس، وصل عدد المُصابين المُقيمين في المُستشفيات، وبالتالي الذين قد يحتاجون إلى أجهزة تنفس اصطناعي وأسرّة عناية فائقة، إلى 139، منهم 31 في حال حرجة، بعدما أعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 132 إصابة جديدة (120 مُقيماً و12 وافداً)، ليرتفع إجمالي المُصابين الفعليين إلى 2007. ومع توقع تسجيل مزيد من الإصابات، فإنّ الحاجة إلى الأسرّة ستتفاقم حُكماً، في حين أن المعطيات لا تزال تُنبئ بأن وضع أجهزة التنفس الاصطناعي “كارثي”، وفق مصادر في نقابة مستوردي المُستلزمات الطبية، إذ إن هناك نحو 500 جهاز فقط، 80% منها لا تعمل.

 

وعليه، ثمة تساؤل أساسي يُطرح على وزارة الصحة، ومن خلفها الحكومة، عمّا حال دون تجهيز البلاد للوضع الحالي، وهل كان الرهان، مثلاً، على “الانضباط الحديدي” للمُقيمين والوافدين، وفي غياب خطة مراقبة صارمة؟

 

التذكير دائماً بتخلّف الدولة عن القيام بمسؤولياتها وإيلاء القطاع الصحي والاستشفائي أولوية قصوى خلال الأشهر الماضية، يُعدّ أمراً ضرورياً في ظل التبعات التي نشهدها اليوم، ولتقييم الإجراءات التي تقوم بها الحكومة حالياً للسيطرة على الواقع الوبائي المُتفلّت. وهي إجراءات ترقيعية، ليست إلّا نتاج تهميش المعالجات الفعلية لمكامن الخلل.

 

أمس، قرّرت اللجنة الوزارية لمواجهة فيروس كورونا، برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب، العودة إلى المرحلة الرابعة من التعبئة العامة بدءاً من اليوم لغاية العاشر من آب المُقبل. وهي تشمل إقفال النوادي الليلية والحدائق العامة والشواطئ، فيما قررت الإقفال الكامل للبلاد، بدءاً من بعد غد الخميس حتى الإثنين ضمناً ومن السادس من آب المقبل والعاشر منه، فيما استثنت المطار من الإقفال، وهو أمر عدّه كثيرون غير منطقي، نظراً إلى تسبّب تفلّت عدد من الوافدين في نشر الفيروس. صحيحٌ أن قرار استثناء المطار قد يكون سببه أن الإصابات في صفوف المُقيمين تتفاقم وهو ما يحتّم منع الاختلاط «داخلياً»، إلا أن المطلوب في المُقابل إجراءات صارمة لضبط حركة الوافدين، إذ كان يمكن تجنّب الخطر الكبير الذي تشهده البلاد فيما لو تمّ من الأساس اعتماد استراتيجية وطنية للحجر الإلزامي للوافدين أو آلية فعالة لمراقبة تحركاتهم، مع تفعيل آليات مراقبة تطبيق المُقيمين للإجراءات.

 

وفيما لم تُفهم “الرؤية” الكامنة خلف “الفرصة” الفاصلة بين أيام الإقفال التام، فإنّ النقاش الأساسي اليوم هو حول الإجراءات المطلوبة لتدارك الأزمة. وهذه تشمل مراكز الحجر التي لم تجهز كلياً بعد، والتي كان يفترض أن يكون عددها 120 مركزاً، وفق رئيسة نقابة الممرضين والممرضات في لبنان ميرنا ضومط، كما تشمل النهوض بالقطاع الاستشفائي وإشراك المُستشفيات الخاصة في مواجهة الكارثة وحماية الطاقم الصحي الذي أصيب منه حتى الآن نحو 222 شخصاً، وفق وزير الصحة حمد حسن.

العمل على هذه الصعد مطلوب مهما كانت نتيجة الواقع الوبائي بعد الانتهاء من الإجراءات الحالية، وإهمالها يعني تشريع البلاد أمام الوباء بعد انهيار القطاع الصحي تماماً.

 

لقراءة المقال كاملا اضغط هنا