لا يتردد العونيون في قولها كما هي: “حزب الله” لم يقف إلى جانبنا في معركة الفساد. أولوياته في مكان آخر، فيما عقارب ساعته لها توقيتها الخاص. لكنهم في المقابل لا يشعرون أنّ خروج هذه الشكوى إلى العلن، هو بمثابة طعن في تفاهم “مار مخايل”. يقولون إنّ الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله تحدث بنفسه عن مدرستين مختلفتين في التعاطي مع هذه القضية، وعن “توقيتين” مختلفين. وهذا جوهر الشكوى العونية.
خلال أكثر من مناسبة، طرح رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل تلك الإشكالية أمام الرأي العام، وكأنّ جلسات النقاش المكتومة التي يلجأ إليها الحليفان لاطفاء خلافاتهما، لم تعد مجدية في معالجة هذا الخلل. فصار لا بدّ من الاحتكام إلى الرأي العام.
يشير العونيون إلى أنّ الأمور لم تعد تحتمل “التجميل” بعدما بلغت أوضاعاً مأسوية حيث يفترض المسارعة في ضبط الهدر والفساد لإنقاذ ما يمكن انقاذه قبل فوات الأوان… إلا أنّ الحكومة لا تزال برأيهم مقيدة وهذا ما يدفع قيادة “التيار” الى رفع الصوت عالياً، ولو أنّها “شريكة مخفية” في رعاية الحكومة، علّها تتمكن من تصويب الأمور. يقولون: معظمم الوزراء “مقطوعون من شجرة” سياسية ومع ذلك يكبلهم التردد والضغوطات التي تحول دون قيامهم بخطوات حاسمة وحازمة. ولهذا لن يتردد “التيار” في مرحلة لاحقة في توجيه انتقادات مباشرة نحو الوزراء اذا لم يحسّنوا أداءهم.
في جعبة العونيين، الكثير من الأمثلة والنماذج التي تدفعهم إلى “النق بصوت عال”، وآخر تلك الوقائع ما حصل على طاولة مجلس الوزراء في ما خصّ التدقيق في حسابات مصرف لبنان. لا يفهم العونيون الاعتبارات الحقيقية التي تدفع “حزب الله” إلى التصويت بورقة بيضاء. الحجة التي يقدمها “الحزب” هي غير مقنعة بنظرهم كون معظم الشركات العالمية فيها موظفون لهم ارتباط معين بإسرائيل.
يضيفون أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون مارس ضغطاً استثنائيأً كي يسير مجلس الوزراء بهذا القرار نظراً لأهميته وكونه في مقدمة قائمة المطالب الإصلاحية، وبالتالي لا يمكن تجاوزه تحت أي اعتبار. والأرجح قد تواجه عملية التحقيق الكثير من العراقيل في التطبيق وقد لا تصل إلى أي نتيجة. ويسألون: أين هي الانتفاضة من هذا الإجراء؟ لماذا لم تجد الحكومة من يدعمها في هذا القرار؟
ولهذا يقول العونيون إنّ ساعتيّ “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” غير متفقتين على التوقيت، ولو نجحت محاولات التوفيق داخل الجلسات المغلقة لما خرج الخلاف إلى العلن.
يعتبرون أنّ “التيار” لم يعد مخيّراً في هذا المسار، وهو مضطر لقول الأمور كما هي، بعد فشل كل محاولات المعالجة الداخلية. إلا أنّ هذا التباين لا يعني أبداً أنّ “التيار” تخلى عن “تفاهم مار مخايل” لا سيما في الشق المتعلق بعدائه لإسرائيل وهو خيار مبني على أسس متينة وقناعة راسخة، ولو أنّه دفع ثمن هذا الخيار. لكن في الشق المتعلق ببناء الدولة، فقد صار التباين فاقعاً، ولم يعد بالإمكان مراعاة الحساسيات الداخلية التي يحرص “حزب الله” على صيانتها.
ولهذا يؤكدون أنّ “اتهام “التيار” بالتطنيش على كل ممارسات الهدر والفساد فيه ظلم بحقنا. وها هو كتاب الإبراء المستحيل يأخذ طريقه إلى التطبيق”، ويقولون: “لو عاد بنا الزمن إلى العام 2016 لكنا صغنا التفاهم نفسه مع رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري، فقط لأن الظروف السياسية كانت تتيح هذا التفاهم الذي ساعد في حينه على حماية السلم الأهلي، ولكن من دون أن يعني أن التسوية الرئاسية كانت غطاء للفساد”.
ويشيرون الى أن “التيار مستعد للسير بخيار التدقيق في كل الوزارات ولا خشية من مواجهة أي اجراء من هذا النوع على عكس الاتهامات الجائرة التي توجه ضده”.