فالمصرف الذي يؤمن الاعتمادات لمستوردي المواد الأساسية، وبالتحديد القمح والمحروقات والدواء، بالسعر الرسمي للدولار الذي لا يزال ثابتاً عند حدود الـ1515 ليرة لبنانية، بات مهدداً بفقدان كامل احتياطه بالدولار الذي كان يبلغ قبل تفاقم الأزمة في تشرين الأول الماضي 39 مليار دولار، وبات اليوم لا يتجاوز 18 مليار دولار.
ووفق المعلومات، فإن حاكم مصرف لبنان لن يستمر طويلاً بسياسة دعم استيراد المواد الأساسية المتبعة، وقد حدد مهلة زمنية لا تتجاوز 3 أشهر لوضع حد للاستنزاف الحاصل، من خلال إيجاد حل سريع للأزمة الراهنة. إلا أن تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وغياب البدائل والخيارات الواقعية، دفع المعنيين بالملف المالي لرفع الصوت، والتنبيه من حلول طارئة قد تلجأ إليها الحكومة تكون تكلفتها كبيرة جداً على المواطنين، أبرزها رفع السعر الرسمي لصرف الدولار في الأشهر القليلة المقبلة، مقابل بقاء الرواتب على ما هي عليه، ما يؤدي لانعدام القدرة الشرائية، وبالتالي انكماش إضافي للاقتصاد الوطني الذي يشهد انهياراً غير مسبوق. وتتكتم الحكومة حول ما إذا كانت ستعمد إلى إعادة النظر بسياسة الدعم، لعلمها بأن خطوة مماثلة ستكون غير شعبية، وقد سبق أن تغاضت عنها بوقت سابق، حين اقترح وزير الاقتصاد، راوول نعمة، في حزيران الماضي، رفع الدعم الذي يوفره مصرف لبنان لاستيراد المحروقات والطحين، واستبدال آلية أخرى للدعم بذلك، وفق نظام القسائم الشرائية.
وتشير مصادر وزير الاقتصاد إلى أنه كان أول من طرح ترشيد الدعم الذي يطال بشكل خاص المازوت والطحين، بمعنى العمل على توجيهه حصراً لتستفيد منه العائلات المحتاجة، لكن الاقتراح لم يلقَ وقتها تجاوباً كبيراً من قبل رئيس الحكومة ووزراء آخرين، لافتة في تصريح لـ”الشرق الأوسط” إلى أن أي توجه لرفع الدعم في المرحلة الراهنة يجب أن يكون بقرار من الحكومة، ويسأل عنه اليوم رئيسها وحاكم مصرف لبنان.