أوروبا: مذبحة في بيروت.. ولبنان ليس القدر

6 أغسطس 2020
أوروبا: مذبحة في بيروت.. ولبنان ليس القدر
حسن مراد صحافي لبناني مقيم في فرنسا

تنوع العناوين لم يمنع وجود قواسم مشتركة في التغطية الاعلامية الاوروبية لتفجيرات بيروت.
ففي صفحتها الأولى نشرت صحيفة Le Monde الفرنسية صورة لمرفأ بيروت المدمر، تحت عنوان: “بيروت دمرها انفجار مروع”. أما صحيفة Le Figaro فعنونت في نسختها الورقية “انفجار عنيف في مرفأ بيروت يحصد الفوضى”، وفي موقعها الالكتروني وصفت بيروت بـ”المدينة المكسورة”.

وللدلالة على قوة الانفجار، اختارت مجلة L’Obs الفرنسية عنواناً مختلفاً “انفجارات قوية وصل صداها إلى قبرص”.

تنوع العناوين لم يمنع وجود قواسم مشتركة في التغطية لا سيما بين صحيفتي Le Monde وLe Figaro. مراسل اللوموند من بيروت بنجمان بارت اعتبر أن لبنان لم يعد على حافة الهاوية بل سقط في الهاوية وهذا ليس بسبب الانفجار بل نتيجة وضع اقتصادي ومعيشي متدهور إلى جانب نظام سياسي أثبت فشله.

أما الفيغارو، فرأت على لسان فابريس نوديه-لونغلوا، أن “سويسرا الشرق” نزفت الكثير من دمائها حتى قبل وقوع الانفجار. واقع سيتأزم بعدما أصبح مرفأ بيروت خارج الخدمة، ما سيتسبب بأزمة غذائية وفقاً للفيغارو.

سعت الصحف الفرنسية إلى التذكير بالانهيار اللبناني الحاصل من مدة، انهيار يفسر مسارعة المجتمع الدولي عامة وفرنسا خاصة إلى نجدة هذا البلد المنكوب.

علاوة على ذلك سارعت الصحف الفرنسية إلى استحضار كوارث سابقة نجمت عن انفجار مادة نترات الأمونيوم، لا سيما انفجار 300 طن من هذه المادة داخل مصنع في تولوز عام 2001 ما تسبب بمصرع 31 فرنسي. أما صحيفتا Libération و Le Parisien فقررتا إفساح المجال للصور الفوتوغرافية كي تروي المأساة التي حلت على لبنان.

الصحف الايطالية:
لكن، على عكس نظيرتها الفرنسية، لم تشأ الصحف الإيطالية التطرق للأبعاد السياسية للحادث على اعتبار أن العلاقات اللبنانية – الإيطالية لا يمكن مقارنتها بالعلاقات التي تجمع بيروت بباريس، فمتطلبات القراء الايطاليين والفرنسيين ليست متشابهة. لكن، وعلى غرار الصحف الفرنسية، لم تتردد الصحف الإيطالية في محاولة استشراف المستقبل: صحيفة Il Sore 24 Ore الاقتصادية تناولت أزمة القمح المتوقع حدوثها، فشخصت الاضرار والبدائل الممكنة لا سيما أن مخزون القمح يكفي البلاد لأقل من شهر.

ولم تكتف صحيفة Corriere della Sera بعرض مخاطر مادة نترات الأمونيوم مثلما فعلت الصحف الفرنسية، بل أصرت على معرفة سبب الانفجار لتخصص مقالاً حمل عنوان “انفجار في بيروت: تخزين نترات الأمونيوم جرى داخل أكياس بسيطة“. وعليه، فإن طريقة التخزين غير السليمة أفضت إلى هذا الانفجار، وفقاً للصحيفة الإيطالية. أما صحيفة Libero فذهبت أبعد من ذلك، ملمّحة على نحو مباشر إلى أن هذه المواد ملك لحزب الله.

على نطاق أوسع، يُلاحظ أن الصحف الإيطالية بدت أكثر صرامة في تناولها للحدث اللبناني، صحيفة Il Messaggero عنونت على صفحتها الأولى “مذبحة في بيروت … مثل هيروشيما” كما طرحت تساؤلاً حول حقيقة ما جرى: هل هو “حادث أم اعتداء؟”، تساؤل طرحته أيضا صحيفة il Giornale. من جهتها نشرت صحيفة La Nazione في صفحتها الأولى صوراً للانفجار والمصابين مرفقا بعنوان “كالقنبلة الذرية”.

بلجيكا وإسبانيا:
تغطية الصحف تفاوت بين صحيفة وأخرى، كما بين دولة وأخرى. فوفاة مواطن بلجيكي بسبب الانفجار أثار اهتمام صحف بلاده، فاتخذ عدد منها الخبر كعنوان. وفي صفحات Le Vif، نشر نائب رئيس التحرير جيرالد بابي، مقالاً بعنوان “لبنان: ليس القدر” حمل فيه الطبقة السياسية مسؤولية الحادث.

أما انشغال الصحف الاسبانية بتغطية قضية ملكها السابق خوان كارلوس، فلم يمنعها من الاهتمام بالكارثة اللبنانية. في موقعها الالكتروني، شبهت صحيفة El Mundo، ما جرى بانفجار “قنبلة نووية”. وعلى غرار الصحف الفرنسية، اعتبرت ناتاليا سانشا، مراسلة صحيفة El País من بيروت، أن ما جرى بالأمس أتى تتويجاً لمسار طويل من تحول لبنان إلى فريسة للأزمة الاقتصادية وجائحة كورونا.