هكذا يمكن اختصار الزيارة الطارئة التي قام بها ماكرون لبيروت أمس، واستمرّت لساعاتٍ، وطالب في ختامها، بإجراء تحقيق دولي مفتوح وشفاف حول انفجار مرفأ بيروت للحيلولة دون إخفاء الامور أولاً ولمنع التشكيك، معلناً بالعربية “بحبك يا لبنان”.
ورداً على سؤال لصحافي فرنسي حول فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين الذين يعرقلون الإصلاحات، قال: “لا أستبعد شيئاً”، مضيفا “في بعض الظروف، العقوبات ليست الأكثر نجاعة، اعتقد أن الحل الأنجع هو إعادة إدخال الجميع في آلية حل الأزمة”.
ورغم أن محطة ماكرون، وهي الأولى لرئيس دولة وازنة منذ تشكيل الحكومة الحالية برئاسة حسان دياب وانفجار الأزمة المالية، كان عنوانها الرئيسي الانفجار الرهيب الذي وقع مساء أول من أمس في مرفأ بيروت واستوجب خلية طوارئ عربية – دولية لنجدة لبنان، إلا أنها أطلّت على مجمل الواقع البالغ الخطورة الذي يعصف ببلاد الأرز.
ولم يكن ممكناً قراءة حرص الرئيس الفرنسي على وضْع زيارته في إطار دعم الشعب اللبناني وليس الحكومة من خارج سياق المسار الدولي للتعاطي مع لبنان قبل وبعد الحدَث المزلزل الذي وقع مساء الثلاثاء، والقائم على النأي عن صراعات المنطقة وإجراء الإصلاحات البنيوية والهيكلية الضامنة لوقف الهدر والفساد والشَرطية لتقديم أي دعْم مالي لبيروت، وصولاً إلى تكرار ماكرون على كبار المسؤولين شعار “إذا لم تساعدوا أنفسكم لن نساعدكم”.
منذ أن حطّتْ طائرتُه في بيروت ظهر أمس، حيث كان في استقباله نظيره اللبناني ميشال عون، مروراً بمحطتيْه في بقايا المرفأ ثم شارعيْ الجميزة ومار مخايل المدمّرين، وصولاً إلى لقاء عون وبعدها رئيسي البرلمان والحكومة نبيه بري وحسان دياب في اجتماع رباعي في القصر الجمهوري قبل لقاء رؤساء الكتل البرلمانية الأساسية في قصر الصنوبر، ارتسم خطّ بياني واضح لزيارة ماكرون – الذي تعمّد ارتداء ربطة عنق سوداء تعبيراً عن تضامنه مع الضحايا – عنوانه: “نحن هنا لدعم الشعب اللبناني ولن نتخلى عنه”، موجّهاً سلسلة رسائل حازمة ولم تخلُ من تأنيبٍ للسلطة التي لم يجد حرجاً في ترْك أركانها ينتظرونه في بعبدا لنحو 20 دقيقة بينما كان يستمع إلى صوت الناس الغاضبين في أحياء العاصمة الثكلى.
وطبعت جولة ماكرون في الجميزة ومار مخايل، يومه اللبناني وسرقت الأضواء من جدول أعمالها الرسمي – السياسي إذ جاءت مدجَّجة برمزياتٍ مزدوجة: أولاً من المواطنين الذي تجمهروا بأعداد كبيرة حوله ووجهوا بلا أي روتوش مضطبة اتهام للطبقة السياسية بالفساد وخطْف مستقبلنا، من دون ان يتوانى بعضهم عن المطالبة بعودة الانتداب الفرنسي، أو خلّصنا من هذه الطبقة الحاكمة، فيما توسّل إليه آخَرون ساعدنا، على وقع شعارات “ثورة، ثورة” و”كلن يعني كلن ونصرالله واحد منن”.
ماكرون في زيارة ثلاثية البُعد لبيروت… ‘ما فيكن تكملوا هيك ولتحقيق دولي بانفجار المرفأ’
وجدانية وعاطفية مع الشعب اللبناني الذي لاقاه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بين الركام في حوارِ دموعٍ وعناقٍ ووعودٍ تحت ظلال “ثورية”، وقاسية ومباشرة مع السلطة التي أجرى معها كما مختلف الأطراف السياسيين “حوارَ حقيقة” حول سبل وقف “الغرق” على متن مبادرة أطلقها على قاعدة تغيير السلوك السياسي لانتشال لبنان من الويلات… إذ ما فيكن تكملوا هيك.