كتب رضوان مرتضى في “الأخبار”: حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، لم يكن قد أوقف أي مسؤول في مرفأ بيروت بعد. غير أنّ المدعي العام التمييزي تدخّل لتوقيف المسؤول الرئيسي في المرفأ، رئيس اللجنة المؤقتة لإدارة مرفأ بيروت، حسن قريطم، قبيل منتصف الليل، وأمر بتوقيفه. كان التحقيق يسير “من تحت إلى فوق”. أوقِف ثلاثة حدادين أجروا صيانة للعنبر الرقم 12 قبل اشتعال النار فيه وانفجاره. وأشار مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة فادي عقيقي بتوقيف 16 شخصاً (٧ منهم لدى فرع المعلومات والباقون لدى الشرطة العسكرية)، إلا أنّ معظم هؤلاء كانوا عمّال تنظيفات وصيانة.
فهل سيفتح توقيف قريطم الباب أمام توقيف باقي “الرؤوس الكبيرة” في المرفأ؟ استُدعي إلى التحقيق أمس المدير العام للجمارك، بدري ضاهر، وسلفه شفيق مرعي. فهل سيتخلّص القاضي عويدات من كل الضغوط التي تمارس ليصدر قراراً بتوقيفهما على اعتبارهما مسؤولين أساسيين في المرفأ، ليضع التحقيق في مساره الصحيح؟ الجواب رهن الساعات المقبلة، بينما كان غروب أمس يشهد تطورات لافتة في التحقيق. فقد طلبت النيابة العامة التمييزية من هيئة التحقيق الخاصة تجميد حسابات ورفع السرية المصرفية عن مسؤولين في مرفأ بيروت، بينهم المدير العام للجمارك بدري ضاهر ومدير المرفأ حسن قريطم، إضافة إلى المدير العام السابق للجمارك شفيق مرعي ونعمة البراكس ونايلة الحاج وجورج ضاهر وميشال نحول. وأصدرت النيابة العامة قراراً بمنع سفر المذكورين.
وفي موازاة ذلك، اتصل عويدات بالسفارة الفرنسية ليطلب مساعدة خبراء فرنسيين حققوا في تفجير تولوز عام 2001، عندما انفجر نحو 300 طن من نيترات الأمونيوم، ما أدى إلى مقتل العشرات وجرح المئات. وأُبلِغ عويدات، أول من أمس، بأنّ الفريق المؤلف من سبعة خبراء سيصل إلى لبنان على متن الطائرة التي أقلت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وقد طلب القاضي عويدات من قائد الشرطة القضائية مؤازرة الفريق الفرنسي لمشاركة معطيات التحقيق. وعلمت “الأخبار” أن فرضية أن يكون الانفجار ناجماً عن عمل تخريبي لا تزال على رأس الفرضيات المطروحة.
ميدانياً، يتولى كل من فرع المعلومات ومديرية المخابرات معاونة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية ومدعي عام التمييز في التحقيق الجاري، عبر جمع الأدلة والاستماع إلى المشتبه فيهم والشهود. وتبيّن أن إدارة المرفأ كانت قد تسلّمت من المديرية العامة لأمن الدولة تقريراً يوصي بوجوب سدّ فجوة في العنبر الرقم 12، وإحكام إقفال بابه، خشية سرقة نيترات الأمونيوم من داخله. وبحسب مصادر معنية، فإن العنبر كان يضم، إلى جانب النيترات، موجودات أخرى، من بينها فتائل تفجير ومفرقعات نارية، رغم أن تقرير أمن الدولة لم يأت على ذكر أي موجودات سوى “النيترات”.
ورغم أنّ قريطم كان ذكر أن أعمال التلحيم انتهت ظهر يوم 4 آب، بيّنت التحقيقات أن أعمال التلحيم انتهت قرابة الخامسة إلا عشرة دقائق من بعد ظهر يوم الانفجار، ليشتعل بعدها حريق لم تنجح فرقة فوج الإطفاء في السيطرة عليه، ليقع الانفجار الكبير بُعيد السادسة مساءً بثماني دقائق. وبالتالي، ربما يُعدّ تضليلاً للتحقيق ما أدلى به قريطم في بيان أصدره أول من أمس بقوله: “بعد إجراءات اتخذها أمن الدولة، طالبنا بإصلاح فجوة في أحد الأبواب، فنفذنا، والعمل فيها كان منتهياً ومنجزاً منذ الظهر. أما ما حصل بعد الظهر، فلا أعرف ماذا جرى!”. ولفتت المصادر إلى غياب أي أجهزة إطفاء داخل العنبر الذي كان يختنق بآلاف الأطنان من النيترات وفتائل التفجير والمفرقعات.