فبينما كان لا يزال عدّاد وزارة الصحة مستقرّاً على 160 قتيلاً إضافة إلى 20 آخرين في عداد المفقودين، أكدت اليوم مصادر مواكبة للعمليات المستمرة داخل المرفأ لـ”المدن” أنّ “لا أثر فعلياً لعشرات العمال الأجانب الذين كانوا يقومون بوظائفهم في المرفأ وقت وقوع التفجير”. وأضافت المصادر نفسها أنّ عدّاد الضحايا مرشّح للارتفاع أيضاً “إذ أنّ مباني إدارية ومراكز أمنية لم يعد لها أثر بفعل الانفجار”. وهنا تشير المصادر إلى أنّ 3 مراكز أمنية، تعود للجيش والأمن العام والجمارك، اختفى أثرها بالكامل، إضافة إلى موظفي إهراءات القمح “والعاملين فيها، وهم يمكن أن يتواجدوا فيها بغض النظر عن الدوام الرسمي”.
جثث وأشلاء كثيرة
تأكد اليوم أنّ إحدى الجثث التي تمّ انتشالها أمس تعود إلى جو نون، في حين تم خلال الساعات الماضية أيضاً العثور على جثة أخرى لا تزال هويّتها مجهولة. وتضيف المصادر نفسها أنّه “تم سحب الكثير من الأشلاء تحت مبنى الإهراءات وأحيلت إلى الجهات المختصّة لإجراء الفحوص اللازمة ومعرفة أصحابها”. وأصدرت قيادة الجيش – مديرية التوجيه، بياناً جاء فيه أنه “بتاريخه تمكنت فرق الإنقاذ التابعة للجيش اللبناني بالتعاون مع فرق الدفاع المدني وفوج الإطفاء وفريقي البحث والإنقاذ الروسي والفرنسي من انتشال خمس جثث لضحايا انفجار مرفأ بيروت”.
دور أساسي للكلاب
وفي السياق نفسه، يؤكد عمال إغاثة من داخل المرفأ لـ”المدن” أنّ “للكلاب البوليسية التي أحضرتها فرق الإغاثة الأجنبية دوراً كبيراً في تحديد أماكن الأشلاء”. ويضيف هؤلاء أنّ “عمل هذه الكلاب المدرّبة دقيق جداً، بحيث أن تعطي إشارات حاسمة، عندها تقوم الفرق بالحفر لتجد بقايا بشرية في المكان التي نبحت فيه”. مع تشديد هؤلاء على أنّ عمليات البحث مستمرة ولم تتوقّف، على الرغم من إعلان قيادة الجيش أنّ “الأمل بات ضئيلاً في العثور على أحياء”، وتوقف بعض الفرق المعنية عن أداء عملها.
أهالي المفقودين
وبينما أهالي المفقودين يؤكدون، أنه بعد أسبوع على التفجير، “لا يزال التواصل معنا من قبل الجهات الرسمية معدوماً”، مشيرين إلى أنّ “كل المعلومات التي نحصل عليها هي من زملاء لإخواننا أو مشاركين في عمليات البحث”. وبينما كانت الأعمال مستمرة في المرفأ، بات المفقود غسان حصروتي جَداً اليوم، إذ نشر نجله تغريدة على تويتر قال فيه إنّ “”أختي أنجبت طفلها الأول من دقائق. أبي غسان حصروتي لا يزال تحت الأنقاض. قلبنا يتقطع إنّما رجاؤنا بالحياة سيبقى دائماً”.
الفريق الروسي
وفي السياق نفسه، أعلنت وزارة الطوارئ الروسية أن “عدد الشهداء الذين انتشل جثثهم فريق الإنقاذ الروسي التابع لها من تحت أنقاض الانفجار الذي ضرب مرفأ بيروت ارتفع إلى ثمانية”. وأشارت الوزارة في بيان صادر عنها إلى أنّ “المنقذين والخبراء بالكلاب المدربة أثناء العمل في منطقة الحادث قاموا بتفتيش 3.1 ألف متر مربع من الأرض، بما في ذلك 6.8 ألف متر مربع باستخدام الطائرات المسيرة”.
نتائج الكشف الميداني
وعلى صعيد الكشف الميداني الذي تقوم به الفرق الأجنبية، أكد الخبراء الفرنسيون أنّ “الانفجار خلّف حفرة بعمق 43 متراً”، على طول ما يقارب 200 متر. ويؤكد مطلّعون على عمل هذه الفرق أنّ “البحث والتدقيق مستمر في إمكانية وجود بقايا صاروخ أو أسلحة عسكرية”، في إشارة واضحة إلى عدم انتفاء سيناريو أن يكون الانفجار ناجم عن غارة أو استهداف مخزن للسلاح.
التحقيقات القضائية
في هذا الوقت، حوّلت الحكومة اليوم، قبل إعلان استقالتها، قضية انفجار مرفأ بيروت إلى المجلس العدلي. نقطة إيجابية في هذا الإجراء، إذ تمّ سحبه من القضاء العسكري، إلا أنه يعني أيضاً دخول الملف إلى دائرة الإدارة والقرار القضائي غير القابل للردّ أو التمييز، ومن دون علانية. كما يعني أيضاً انضمامه إلى عشرات الملفات الأمنية الأخرى التي وقعت في لبنان خلال العقدين الأخيرين ولم يصدر في أغلبها قرارات بعد، أو صدرت بعد سنوات من الجريمة.
أما المحامي العام التمييزي، القاضي غسان الخوري، فترك رئيس جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا رهن التحقيق بعد جلسة استجواب امتدّت لساعات. كما توجّه وفد قضائي لبناني إلى قبرص للقاء مالك السفينة “روسوس” التي رست في المرفأ ونقلت منها آلاف أطنان نيترات الأمونيوم.
إبلاغ الوزير نجّار
لكن الجديد اليوم، إعلان وزير الأشغال العامة والنقل، ميشال نجار، بعد مشاركته في الاجتماع الوزاري في السراي الحكومي، أنه “تم تبليغي بوجود هذه المواد قبل 24 ساعة فقط من الانفجار”. لم يوضح نجّار، الذي بات وزير تصريف أعمال مساء اليوم، من الجهة التي أبلغته بالأمر ولا الآلية التي حصل فيها الأمر. إلا أنّ هذا الاعتراف من شأنه توسيع دائرة التحقيقات والمسؤوليات الإدارية والسياسية عن التفجير الذي وقع.
مساعدات للضحايا
وعلى مستوى عشرات آلاف اللبنانيين المتضرّرين من انفجار المرفأ، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر “تقديم خدمات الأطراف الاصطناعية، الأجهزة التقويمية، المعينات الحركية، العلاج الفيزيائي، الدعم النفسي، مجاناً لجميع الأشخاص المصابين أو المتضررين جراء الانفجار”. كما وجّهت جمعية “بسمة وزيتونة، رسالةً إلى “كل أهالي ضحايا وجرحى انفجار بيروت من التابعية السورية والذي فقدوا قريب أو عزيز”، أعلنت فيها أنّ “الفريق القانوني لديها مستعدّ لمساعدة بكل الإجراءات القانونية اللازمة لتأمين الأوراق الرسمية والقانونية للضحايا بالإضافة إلى المساعدة المادية الطبية والإغاثية”.