ارتفاع للأسعار وفقدان للأدوية
بعدما أُفرغت الساحة السياسية اللبنانية من أي قوى كان من المُمكن التعويل عليها في الإصلاح والتغيير، وتمّ تعيين حكومة وكلاء منزوعي القرار لما يضمن بقاء “حزب الله” كفريق أساسي وصيّ على القرار السياسي اللبناني، “فلت الملقّ”، وصارت المعابر الشرعية وغير الشرعية بيد هذا “الحزب”.
وبعدما خسر النظام السوري مرفأيه لصالح قوى عظمى، بواقع السيطرة الجزئية لإيران على مرفأ اللاذقية وسيطرة الروس على مرفأ طرطوس، استفاد النظام السوري من مرفأ بيروت والمطار اللبناني والمعابر غير الشرعية إلى حدّ السيطرة، عبر قوى “حزب الله”. فحتّى قانون قيصر لم يشمل استيراد السلع الغذائية، ونستطيع أن نجد أن دفعات القمح الأخيرة القادمة من روسيا بموجب عقد حصري كانت تأتي عبر مرفأ اللاذقية ولا تزال، فلِم فضّل كارتيل تجّار سوريا الإستيراد عبر مرفأ بيروت، وليس عبر موانئ البلاد؟
في التفاصيل، تجنّب التجّار السوريون العرقلة والإجراءات المعقّدة في موانئ سوريا، وفضّلوا الإستيراد عبر لبنان، التي كانت كِلفتها أرخص بالرغم من أنها تمرّ عبر مرحلتين، أي البحر ثم البر، وذلك بحكم “التسهيلات” و”المعابر غير الشرعية” والنظام المصرفي اللبناني المتطوّر نسبياً عن مثيله السوري. وعليه، استفاد “حزب الله” والنظام السوري وكارتيل التجّار من ذلك الواقع، مالياً وأحياناً عسكرياً. وكان من الطبيعي أن يتأثر جزء واسع من السلع الغذائية مع إقفال مرفأ بيروت. “انعكست كارثة لبنان على سوريا بشكل واضح، ولمسنا أهمية مرفأ بيروت لنا، واكتشفنا كمواطنين أنّ أغلب السلع الإستهلاكية المُستعملة مستوردة، ناهيك عن المواد الأولية الداخلة بالإنتاج الصناعي والدوائي والتي كانت بمعظمها تُستقدم عبر مرفأ بيروت”. بهذه الكلمات، يبدأ المواطن السوري محمد الزين حديثه عن الوضع في سوريا، ويتابع: “كان التاجر السوري “مزبّط وضعه” مع المهرّبين ويدفع للميناء وشحناً أقلّ من المسالك غير الشرعية، أما اليوم فتوقّف الميناء وتوقّفت معه الشحنات، وقفز سعر كيلو الأرز بنحو 400 ليرة سورية، وصار سعر كيلو السكر 1400 ليرة. كذلك فُقد الكثير من الأدوية من الصيدليات، فضلاً عن زيادة أسعار أدوية الأمراض المُزمنة بشكل هستيري يصل إلى 500%”.
في السياق، صّرحت وزيرة الإقتصاد السورية السابقة لمياء عاصي أنّ الاقتصاد السوري سيتأثر حتماً بكارثة مرفأ بيروت وبشكل مُضاعف “لأنّه يخضع لحصار وعقوبات اقتصادية آخرها “قانون قيصر”، الذي يفرض عقوبات على الشركات الأجنبية التي تتعاون مع سوريا” مُعتبرةً مرفأ بيروت “الرئة في ظلّ حصار خانق”. وبحسبها، “تضرّر الإقتصاد السوري بالفعل وبشكل فوري ومباشر، لأنّ جزءاً من البضائع في المرفأ، كانت تعود للسوريين وضاعت جرّاء التفجير”.