في موازاة زلزال بيروت، بدا جلياً انّ زلزالاً سياسياً ضرب السلطة بكل مستوياتها. رئيس الحكومة حاول ان يماشي حراك الغاضبين ومصادرة مطلبهم بالانتخابات النيابية المبكرة، والقى بهذه المتفجّرة السياسية في قلب الحاضنة السياسية لحكومته، وانفجارها السريع كان مدوّياً في بعبدا وعين التينة وسائر زوايا الحاضنة. والسؤال الاساس الذي طُرح في هذا الجانب: من نصحه بهذه الخطوة المتسرّعة التي لا تنم الّا عن مراهقة سياسية؟ وإلامَ كان يرمي من ورائها؟ وهل قدّر عواقبها وارتداداتها؟ وهل يستطيع وحده ان يحلّ المجلس النيابي او ان يقصّر ولايته؟ وقبل كل ذلك، على اي قانون يريد حسان دياب ان يجري الانتخابات النيابية المبكرة؟ وهل انّ حكومة عاجزة على ان تتفق على ارقام خسائر لبنان، او ان تتخذ قراراً بنقل حاجب من مكان الى آخر، قادرة على انجاز انتخابات مبكرة؟
وبحسب معلومات “الجمهورية”، فإنّ العبوة السياسية، التي القاها حسان دياب، احدثت مفاجأة كبرى في القصر الجمهوري. وانّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون جاهر بغضب بالغ من خطوة لم تكن متوقعة في بعبدا، وصدرت من دون التشاور مع الرئيس. وثمة اسئلة كثيرة طُرحت على شاكلة من نصحه بذلك، ومن ورّطه فيها. واما النتيجة الفورية فخلاصتها، كما يقول عارفون موثوقون، انّ رئيس الجمهورية، الذي كان حتى ما قبل عبوة حسان دياب، رافضاً لفكرة تغيير الحكومة، جاءت عبوة الانتخابات المبكرة لتحدث انقلاباً جذرياً في موقفه، وصار متحمساً للتغيير.
وتشير المعلومات، الى انّ حجم الصدمة كان كبيراً جداً في عين التينة، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، تلقّى اعلان دياب عن الانتخابات المبكرة بسلبية كبرى، واستغراب بالغ لكيفية الإقدام على مثل هذه الخطوة من دون تشاور او تنسيق سواء مع رئيسي الجمهورية والمجلس، او مع اطراف الحاضنة السياسية للحكومة التي حمتها على مدى الاشهر الماضية، وصرفت من رصيدها الكثير لتبقيها محصّنة امام الهجومات التي كانت تتناولها على تقصيرها الفاضح في شتى المجالات، وايضاً على السقطات المتتالية لرئيس الحكومة، ولاسيما منها مع وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان وكذلك مع الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط“.
وبحسب المعلومات، فإنّ رئيس المجلس، الذي لم يرَ ايّ مبّرر لمبادرة رئيس الحكومة الى هذا التفرّد في مسألة دقيقة وشديدة الحساسية التي تحتاج الى توافق شامل، ويلقيها كجمرة حارقة في يد الحاضنة السياسية للحكومة، والردّ المعبّر والبالغ الدلالة جاء بما مفاده “رضينا بالهم والهمّ مش راضي فينا“.
في جانب منها، بدت مبادرة دياب الى طرح الانتخابات المبكرة، تنطوي على محاولة للنأي بهذه الحكومة ورئيسها، ونفض اليد من الشراكة في مسؤولية ما جرى في زلزال بيروت، علماً انّ مستويات رفيعة في الدولة تؤكّد انّ مراسلات تلقّاها رئيس الحكومة من الجهات الامنية المعنية، حول خطورة ما هو مخزّن في المرفأ من دون ان تبادر الى اي اجراء، وكذلك محاولة استثمار الحراك والقاء المسؤولية على مجلس النواب، في الوقت الذي كان يتعرّض هذا المجلس لمحاولات لاقتحامه من قِبل مجموعات ليل السبت.
ومن هنا، بحسب العارفين، كان لا بدّ من مبادرة رئيس المجلس الى ان “يرد الإجر” لدياب، وقطع الطريق على اي محاولة من هذا النوع للتنصّل من المسؤولية، وكان قراره بجلب الحكومة الى حلبة الجلد، في جلسة محاسبة للحكومة حدّدها الخميس، “لمناقشتها على الجريمة المتمادية التي لحقت بالعاصمة والشعب، وتجاهلها”. وبالتالي ترك النواب يقرّرون مصيرها.