بعد 15 يوما على انفجار المرفأ.. التحقيقات طويلة والتوقيفات بدأت

18 أغسطس 2020
بعد 15 يوما على انفجار المرفأ.. التحقيقات طويلة والتوقيفات بدأت

كتبت هيام القصيفي في “الأخبار”: بعد 15 يوما على انفجار المرفأ، عجقة السير حوله لا تشبه الفراغ داخله. صوت الفراغ مدوّ، كصوت الانفجار. التحقيقات طويلة والتوقيفات بدأت. وحدهم الضحايا انتهت رحلتهم، لكن دماءهم لا تزال في المرفأ. 

لون السماء الزرقاء، وشمس آب الحارقة ومياه المتوسط التي تتوهج تحت اشعتها. كأننا في غير زمان ومكان. اللوحة الصيفية لا علاقة لها بما هو على الارض. على الارض غبار ورمل صحراء. من اين أتى كل هذا الفضاء الارضي الفسيح؟ هل تفعل اكياس نيترات الامونيوم كل ذلك، ام هي فعلة المسؤولين عن الفساد والاهمال والاجرام. هم الذين كنسوا الارض وأزالوا عشرات المستوعبات والعنابر والاهراءات، ونقلوا المرفأ – او نصفه – الى مكان آخر، ومعه أرواح 170 شهيداً وستة آلاف جريح وعشرون مفقودا.

هذا المرفأ الذي كان اللبنانيون تاريخياً، في ايام النكبات، يودعون فيه مئات الاحبة المغادرين الى الخارج، ودع اليوم ايضا عشرات من ابنائه. ظلُّ اولئك الذين ذبحوا قلوب الناس بصورهم وضحكاتهم واصواتهم، سحر ومثال وحمد الشاب، الحلو ذو العينين العسليتين، ورالف وشربل ورامي، وجميع رفاقهم الشهداء من فوج الاطفاء والجيش والجمارك والامن العام والمدنيين العاملين في المرفأ، تراه فوق البقعة التي كان اسمها قبل السادسة من مساء الرابع من آب، العنبر رقم 12.
هل يمكن ان يقف قاض او محقق او جندي امام هذه الحفرة، التي باتت كومة من حديد ولا يشعر برهبة الموت وبأرواح تطوف كما في الحكايات، ولا يسمع صوت امهاتهم وآبائهم ينادون عليهم من حيث فاجأهم الموت، او بالاحرى غدرهم أولئك الذين ستظل جريمة العصر ملتصقة بأسمائهم، ولو لم تصدر احكام قضائية في حقهم. ارض الموت البيضاء صارت عبارة عن حفرة، لا فرق كم تبلغ مساحتها وعمقها في وجدان من فقدوا احبتهم، تحولت مربعا امنيا بات اوسع مما كان عليه في الايام الاولى. النار انطفأت بعدما اكلت الحجر والحديد واعمدة الانارة والارصفة، و«جعلكت» الابنية والمستوعبات والعنابر، واخذت معها ارواحا فتية لا ذنب لها الا انها لبّت نداء عن حريق داخل افران «المحرقة» اللبنانية، فكانت اولى ضحاياه، لتكرّ سبحة الضحايا. عرفنا صورهم وحكاياتهم قبل ان نرى نعوشهم البيضاء والعلم اللبناني يلتف حولها. هل تتسع هذه المساحة الممتدة من البحر الى اليابسة لكل هذه الارواح دفعة واحدة؟ بحر بيروت كان وفياً لها. امتد الى اليابسة والى مصابين وشهداء، بفعل قوة العصف، ليساهم في امتصاص الجزء الاكبر منه منقذاً ارواح الالاف.
هنا، في المرفأ، لا اصوات زجاج محطم، ولا يوجد متطوعون يساعدون في الاغاثة، ولا كاميرات، ولا ضجيج. صمت مطبق، بعدما سكتت معظم الاصوات، صفارات الاسعاف وضجيج المحركات وبكاء المنتظرين صوتا من تحت الركام، صور الساعات والايام الاولى اختفت كما عجقة المسعفين والاطفاء والاهل المفجوعين الذين انتقلوا لدفن شهدائهم أو مواساة جرحاهم.
منذ اليوم الاول للانفجار، تغيرت مشاهد المرفأ امام عيون الامنيين والعسكريين، من مشهد الضحايا والنار في عتمة ليل الثلثاء الى مشهد الاهالي الباحثين عن احبتهم، الى الانقاذ وازالة الركام وتبيان الاضرار، الى مشاهد الذين يتفقدون ممتلكاتهم مع شركات التأمين لالقاء نظرة اولية على الاضرار.

لقراءة المقال كاملا اضغط هنا.