واكدت مصادر مواكبة للملف الحكومي لـ”اللواء” ان لا جديدا في الملف الحكومي وان رئاسة الجمهورية تترك التشاور يأخذ مداه منعا لأي كلام.
واوضحت المصادر ان رئيس مجلس النواب اطفأ محركاته وهناك انتظار لكن ذلك لا يعني ان التشاور ليس قائما والمجتمع الدولي متأهب ولديه برنامج اصلاحي يقترحه وهذا ما يتقاطع مع طرح رئيس الجمهورية الاصلاحي وهناك تأهب لذلك وقالت: ألم يأت التدقيق المركز والجنائي من مقر الرئاسة الأولى.
واشارت الى ان هذا التدقيق سيكشف الجميع ولفتت الى ان المحاسبة ستحصل.
وعلى صعيد اخر لفتت الى ان المجتمع المدني سيمثل في الحكومة ورئيس الجمهورية يرغب في ذلك.
وإذ أكدت أنّ “هذا الطرح لم ينضج بعد”، لفتت المصادر إلى كون “تعمّد تأخير الاستشارات النيابية وإغراق ملف التكليف في لعبة شد الحبال والشروط والشروط المضادة إنما يهدف في أحد دوافعه إلى إضاعة الوقت ريثما يعود الرئيس الفرنسي إلى بيروت في الأول من أيلول ومحاولة وضعه حينها أمام أمر واقع قد يقوده إلى تبني خيار رعاية حوار وطني تجنباً لإعلان فشل مبادرته”، مشيرةً إلى أنّ “عون يسعى إلى أن يحقق من خلال هذا الطرح ما عجزت دعواته السابقة إلى الحوار عن تحقيقه، لجهة دفع جميع الفرقاء السياسيين إلى الجلوس معه على طاولة حوارية “خجلاً” من ماكرون”.
وفي المقابل، لا يبدو رئيس مجلس النواب نبيه بري في وارد رفع “الراية البيضاء” أمام محاولات تطويق جهوده وإجهاض مسعاه الحكومي، بحيث نقلت مصادر واسعة الاطلاع لـ”نداء الوطن” أنّ بري وبخلاف ما فهمه البعض أمس من حديثه عن “اليد الواحدة التي لا تصفّق” فإنه عازم على مواصلة الدفع قدماً باتجاه بلورة صيغة اتفاق حكومي قبل موعد عودة الرئيس الفرنسي وهو “لن يستسلم” أمام العراقيل المفتعلة، لافتةً إلى أن إشارته إلى انتظار ما سيقدم عليه غيره “لا تعني إطفاء محركاته نهائياً بل تبريدها آنياً فقط بانتظار اتضاح مدى تجاوب الأفرقاء مع مساعيه، وإذا ما استمرّت أجواء العرقلة فإنه سيعود إلى إدارة المحركات وبزخم أكبر هذه المرة لوضع كل مسؤول أمام مسؤولياته في تعطيل الحلول وإدخال البلد في المجهول”.
وفي سياق متصل، علمت “النهار” من مصادر معنية بالإتصالات والمشاورات المتصلة بالاستحقاق الحكومي ان كل الاتصالات كانت مجمدة في الأيام الأخيرة وتحديدا عقب ابلاغ الوزير السابق جبران باسيل حليفيه في الثنائي الشيعي رفض العهد و”التيار الوطني الحر” إعادة تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة الجديدة. كما ان الصورة الدولية لم تتبلور بعد حيال الاتجاهات الحكومية التفصيلية تكليفا وتأليفاً التي ستؤيدها الدول المعنية بدعم لبنان ولو ان كل الدول تردد موقفا واحدا هو اشتراط الإصلاحات لدعم أي حكومة ولكن لا موقف موحدا بعد حيال طبيعة الحكومة. وكشفت المصادر نفسها لـ”النهار” ان الجانب الفرنسي وحده بقي متحركا في اتجاه الواقع الداخلي اذ سجلت اتصالات من الجانب الفرنسي في اليومين الأخيرين مع عدد من القوى الداخلية ولو انها لم تؤد الى نتائج في تبديل صورة الجمود. ولوحظ ان رئيس مجلس النواب نبيه بري اعترف امس بتعليق مساعيه في انتظار الآخرين اذ قال ردا على سؤال عن صحة إيقافه لمحركاته العاملة على تشكيل الحكومة الجديدة فقال “انا بذلت كل ما في وسعي بما يخص موضوع تشكيل الحكومة لكن تبين ان يدا واحدة تصفق (بضم الفاء) ولا تصفق وانا انتظر الآن ما سيفعله غيري في هذا الشأن”.
لكن مصادر سياسية متابعة للاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة معاودة التحركات والاتصالات بين مختلف الاطراف السياسيين لتحقيق اختراق ملموس في جدار الازمة بعد ما يقارب الأسبوعين من استقالة حكومة حسان دياب ولملاقاة زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مطلع أيلول المقبل بخطوات إيجابية ومؤاتية تنم عن التحسس بخطورة الأوضاع التي يواجهها لبنان والتجاوب مع المساعي والجهود التي يبذلها شخصيا لمساعدة لبنان ليتمكن من المباشرة بحل الأزمة المتعددة الاوجه وعدم تفويت هذه الفرصة الفريدة التي طرحها الرئيس الفرنسي بهذا الخصوص. واشارت المصادر إلى انه بالرغم من تعثر الجهود التي يبذلها الرئيس نبيه بري مع رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل لاخراج عملية تشكيل الحكومة من دوامة الشروط العونية المعهودة وحرصه على تضييق شقة الخلافات القائمة لتسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة، الا ان هذه الجهود ما تزال تدور في حلقة شبه مفرغة، بسبب الخلافات الشخصية التي تحكم العلاقات بين الطرفين منذ استقالة حكومة الرئيس الحريري السابقة من جهة ومحاولة صهر رئيس الجمهورية تكرار استنساخ حكومة حسان دياب بحكومة مشابهة ليسهل عليه الهيمنة عليها رغم فشلها الذريع بمهمتها او الحصول على ضمانات بأعادة احياء التفاهم الثنائي السابق مع الحريري وكأن ماحصل من تطورات وترد فظيع في مجمل الأوضاع بالبلد لايستوجب اعادة النظر بماكان سائدا من قبل وتغيير النهج الحاصل بأفضل منه لمنع المزيد من التدهور نحو الأسوأ.
وكشفت المصادر بعض تفاصيل مادار في اللقاء المطول الذي حصل في عين التينه الاسبوع الماضي بالقول ان باسيل حاول الالتفاف على طرح بري بتسمية الحريري بالهروب الى مطلب التفاهم المسبق على البيان الوزاري للحكومة الجديدة طالبا ضمانات الحاضرين على مطلبه،ولكنه ووجه بان مايطلبه مخالف للدستور وآلية تشكيل الحكومة، و لن يقبل به اي رئيس حكومة ذي حيثية وازنة او الاطراف السياسيين الداعمين هذا المنحى وبالتالي يجب صرف النظر عنه. وفي حين برر باسيل طلبه هذا بحرص رئيس الجمهورية وحرصه على التزام الحكومة بالشروط الاصلاحية المطلوبة محليا وخارجيا، قال للحاضرين ان مطلبه بان يتضمن البيان الوزاري المرتقب تنفيذ سلة الاصلاحات ولاسيما الكهرباء انطلاقا من الخطة التي وضعها شخصيا عندما كان وزيرا للطاقة وان لايمس بها تحت اي ظرف كان وهذا الامر لن يكون سهلا في حال كان رئيس الحكومة المقبل غير ملتزم بذلك مسبقا. واعربت المصادر عن استيائها من تصرفات باسيل على هذا النحو بينما كانت تراهن على ان يلتقط فحوى الاشارات والرسائل التي تضمنتها مبادرة رئيس مجلس النواب التي عرضها لرئيس الجمهورية لكي يلاقوها في منتصف الطريق للخروج من حالة الجمود والمباشرة بخطوات سريعة لتشكيل الحكومة الجديدة لانها باتت ملحة أكثر من اي وقت مضى ولكن يبدو أنه فوت الفرصة التي اتيحت له،لان الوضع لايحتمل اضاعة المزيد من الوقت سدى. وقالت المصادر ان تحرك بري ليس منفصلا عن تأييد حزب الله وبالتالي فإن عدم تجاوب عون مع هذا التحرك والامعان في طرح الشروط والتمسك بالمطالب التعجيزية وكأن الظروف عادية ولم يحصل شيء، وبالتالي فان هذا يستوجب توسعة مروحة المشاورات وتشكيل قوة ضغط سياسية تستوعب الشروط الموضوعة لتسريع عملية تشكيل الحكومة، لانه لم يعد بالامكان هدر الوقت بلا طائل. وتوقعت المصادر ان يقابل موقف عون بتأخير موعد الاستشارات الملزمة ومحاولته الالتفاف على استباقها بالتفاوض على اسم وشكل الحكومة الجديدة خلافا للدستور ومحاولة للالتفاف على صلاحيات الرئيس المكلف ايا كان، بتحركات وموقف عن رؤساء الحكومات السابقين ودار الفتوى يرفض ويستنكرمايحصل من هذا القبيل ويشدد على وجوب إلتزام الدستور ويؤكد على الموقف الموحد للسنة من هذه المسألة. واكدت المصادر ان كل مايقال عن توجه لإلغاء زيارة الرئيس الفرنسي الى لبنان غير صحيح، لانه التزم بها وسيأتي بالموعد المحدد ليؤكد صدقية إلتزاماته ويضع جميع الاطراف امام مسؤولياتها ويطلع على ما تحقق منذ زيارته السابقة.
المهلة الحاسمة
وأشارت أوساط مطلعة على تعقيدات الاستحقاق الحكومي الى ان الأسبوع الحالي يفترض ان يشهد بلورة الاتجاهات الواضحة لمجموعة لاعبين أساسيين قبل ان يتفاقم المأزق وينزلق الوضع برمته الى متاهات شديدة الخطورة ماليا واقتصاديا في المقام الأول لان البلاد تعاني تراكمات منذ انفجار بيروت تحتاج الى جرعات تنفس عاجلة وهو ما تعيه الدول التي تبادر الى ارسال مساعداتها العاجلة والإغاثية للبنان فيما يتمهل الطاقم السياسي ويتباطأ الحكم ويناور الكثيرون كما لو ان البلاد في وضع طبيعي. كما ان التحدي الأكثر الحاحا في الضغط لاستعجال التكليف والتأليف يتمثل في الاتساع المخيف للانتشار الوبائي لفيروس كورونا في لبنان الذي لم يعد لديه الا القليل من الوقت لاستدراك سقوطه في السيناريو الكارثي الذي مرت به دول أوروبية وسواها. واذا كانت الضجة بدأت تتصاعد من مواقع سياسية وحزبية حيال التمادي في عدم تحديد مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة للتكليف فان الجانب الاخر من التعقيدات يتصل بمواقف بعض القوى السياسية التي تتقاطع عند نقطة التحفظ او الرفض لترؤس الرئيس سعد الحريري للحكومة الجديدة. وإذ برز تقاطع ضمني لافت على التحفظ او الرفض لعودة الحريري على راس الحكومة بين كل من “التيار الوطني الحر” والحزب التقدمي الاشتراكي و”القوات اللبنانية ” تفيد المعطيات المتوافرة في هذا السياق الى ان الحريري الذي قد لا يبقى صامتا لوقت طويل وربما يفصح عن موقف بارز له هذا الاسبوع، لا يزال رغم التناقضات القائمة حيال عودته المرشح الوحيد حتى الآن. وهو ابلغ وفق هذه المعلومات الرئيس بري انه لن يسير الا ببرنامجه الحكومي ولن يقبل بشروط مسبقة من احد كما لن يدعم ترشيح احد. الا ان بري لم يتوصل في اتصالاته مع الوزير السابق جبران باسيل الى بت هذا الامر وربما تعقد جلسة مشاورات جديدة اليوم بين بري وباسيل والخليلين لاستكمال البحث وحسم الموقف.