عودة إلى ويكيليكس: حزب الله يخزّن الأمونيوم منذ 2010

استقدم الحزب آلاف أطنان نترات الأمونيوم من سوريا وأدخلها إلى لبنان عبر وزارة الزراعة

26 أغسطس 2020
عودة إلى ويكيليكس: حزب الله يخزّن الأمونيوم منذ 2010

عودة إلى وثائق ويكيليس المسرّبة، بتاريخ 16 كانون الأول 2010، صدر عن وكالة ستراتفور، إحدى المؤسسات الخاصة بجمع المعلومات الاستخباراتية، المتعاونة مع وكالات الأمن الأميركية الرسمية، رسالة إلكترونية (إيميل) عنوانها “نظرة على مصادر حزب الله للحصول على المواد المتفجرة”.

أما مضمونها فيشير إلى تخزين حزب الله لمادة نيترات الأمونيوم كبديل عن المواد المتفجرة الاعتيادية المستخدمة في الأعمال العسكرية، كالـ”سي فور” و”آر دي إكس”.

ونتيجة تضييق اليونيفيل للخناق على السواحل اللبنانية، وضغوط النظام السوري (قبل اندلاع الثورة السورية)، لجأ الحزب إلى تخزين هذه المواد من باب الأسمدة الزراعة، لذا تمسّك بحقيبة الزراعة في الحكومات المتعاقبة. وأدناه الرسالة الكاملة الصادرة عن ستراتفور، والتي كشفها ويكيليكس:

أفاد مصدر لستراتفور في لبنان أنّ حزب الله يعاني من صعوبات في الحصول على متفجرات عسكرية مثل سي 4 وآر دي إكس، لذا بدأ الاعتماد على شحنات من مادة الأمونيوم (الموجودة في السماد الزراعي) بهدف المحافظة على مخزون المتفجرات. ويقول المصدر نفسه إنّ الحزب أيضاً يعاني صعوبة في استلام المتفجرات نتيجة إغلاق قوات اليونيفيل الساحل اللبناني مانعة دخول الشحنات، كما أنّ النظام السوري قام بمضاعفة تقييد إمدادات الحزب على هذا الصعيد في محاولة لضبط المنظمة ونشاطها.

القدرة على التكيّف
ويزعم أنّ حزب الله يدفع ضعف القيمة السوقية لشراء منتجات السماد السوري، وقد حصل على 15 ألف طن من الأسمدة من المنشأة البتروكيماوية الرئيسية في مدينة حمص.

ويتكل النظام السوري بعدها على جني الأرباح ويستورد الأسمدة بأسعار أرخص من دول أوروبا الشرقية لتلبية حاجة السوق المحلية.

ويشير المصدر إلى أنّ هذه الوقائع تفسّر إصرار حزب الله على تمثّله بوزارة الزراعة خلال تشكيل رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري لمجلس الوزراء عام 2009. ويزعم أنّ وزير الزراعة اللبناني الحالي، حسين الحاج حسن، يشتري شحنات الأسمدة من سوريا لصالح عملاء حزب الله ليتم تحويلهم إلى مستودعات الحزب في لبنان.

تطوّر أداء حزب الله بشكل جيّد وأثبت قدرته على استغلال الانقسامات السياسية المحلية لتعزيز أوضاعه.

وتوضح قدرته وعمله على تعويض توّقف إمداداته العسكرية واستبدالها بالأسمدة من أكثر من عام، يوضح مدى تطوّره وحذاقته التنظيمية.

إلا أنّ هذا الأمر يشير أيضاً إلى قدرة الحزب على التكيّف والتحوّل، إذ أنه أظهر صرامة في ضبط النفس خلال السنوات الماضية وعدم لجوئه إلى تنفيذ الهجمات الإرهابية التي اشتهر بها في الثمانينات.

ومع ذلك تعتمد المنظمة على جناحها العسكري لممارسة الضغط على لبنان وبالطبع على إسرائيل.

أوجه الاستعمال
تخزين حزب الله لهذه الأسمدة القابلة للتفجير لا ينذر، بالضرورة، بتأزم الأوضاع في لبنان.

فإنّ الوضع متأزم في لبنان أساساً بفعل المحكمة الدولية الخاصة للتحقيق في اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، لكن ثمة العديد من العوامل التي قد تدفع الحزب باتجاه عدم زعزعة الاستقرار في لبنان بينما سيواجه أعضاء منه لوائح اتهامية صادرة عن المحكمة.

وبينما يستمرّ عمل المحكمة، يواصل حزب الله لجوءه إلى وسائل أكثر هدوءاً لضرب سمعة التحقيق وتشويه صورته.

وشراء النترات المتفجّرة موجّه في إطار مواجهة عسكرية أخرى مع إسرائيل. واستعدادات حزب الله لهذه المواجهة مستمرة منذ سنوات، إذ تمكّن الحزب من التحايل على وحدات اليونيفيل في جنوب لبنان لإعادة بناء قواعده وشبكات الأنفاق التي أثبتت أنها من عوامل الحسم لمقاتلي الحزب الذين تمكّنوا من المحافظة على خطوط الإمداد والاتصالات الخاصة بهم والاحتماء من الغارات الجوية الإسرائلية في حرب 2006.

ويوضح مصدر سترانفور أنّ استخدام هذه المواد، الأسمدة القابلة للتفجّر، يشمل أيضاً لبناء الأنفاق في المناطق الجبلية إضافة لاستخدامها ضد الدبابات الإسرائيلية إن دعت الحاجة.

بكل الأحوال، إلى الآن، لا تزال هذه الاستعدادات جزءاً من خطط الطوارئ، فلا حزب الله ولا إسرائيل يرغبان في إشعال نزاع في هذه المرحلة.

تحويل النترات عسكرياً
صناعة العبوات الناسفة من أسمدة النترات تشكل تحديات إضافية.

إذ تتطلب هذه المواد، أولاً، مزيجاً متناسباً من الوقود (كالمازوت) لتصبح عبوة ناسفة ناجحة وقاتلة. لذا لا يمكن استخدام الأسمدة بشكل مابشر، ويكون على الخبراء العسكريين بعناية مطلقة، إيجاد التوازن بين المادتين، النترات والوقود. كما أنّ هذا النوع من العبوات، يستوجب شحنة أولية تطلق عملية التفجير، أي صواعق.

وعادة يتم استخدام  رباعي نترات خماسي ايريثريتول للتسبب بالاشتعال والتفجير الأولي. كما أنه يمكن اللجوء إلى لصواعق العسكرية، ولو أنّ هذا  يعيدنا إلى السؤال الأساسي حول قدرة حزب الله على استقدام التعزيزات العسكرية.

يوضح كل ما سبق أنّ الأسمدة ليست بديلاً قائماً بحدّ ذاته عن المتفجرات. لكن كما أشرنا، لحزب الله تنظيم وإدارة وقيادة أثبتوا قدرتهم في التغلب على التحديات.

وعدا المقاتلين الذين اكتسبوا الخبرة في العراق، ثمة في الشرق الأوسط أعداد من المقاتلين الذين أتقنوا مهارة صناعة القنابل من نترات الأسمدة. و

معرفة جيدة بهذه الأمور في صفوفه، ولن يحتاج إلى خبرات قاتلت في العراق، إذ أنّ مقاتليه تعاملوا مع المتفجرات من قبل.

كما أنه بحوزة الحزب قذائف مدفعية، وصواريخ مضادة للمدرعات والدبابات، وأخرى متوسطة المدى تعزّز ترسانته.

المصدر المدن