قلب الطاولة: الحريري يرفض مقايضة رئاسة الحكومة بـ’وراثة’ باسيل لبعبدا

26 أغسطس 2020
قلب الطاولة: الحريري يرفض مقايضة رئاسة الحكومة بـ’وراثة’ باسيل لبعبدا

كتب منير الربيع في “المدن”: قلب سعد الحريري الطاولة. طال صمته وانتظار موقفه إلى أن حسمها: “لست مرشحاً لرئاسة الحكومة. أشكر كل من طرح اسمي، واطلب سحبه من التداول“.

 

منفرداً بعد صمت

وما قاله الحريري تعني: لا يمكني القبول بتشكيل حكومة وفق شروط تُملى علي. والشروط هذه غير مقبولة دولياً، ولا داخلياً، خصوصاً من بيئته وبعد مواقف كثيرة من شخصيات في الطائفة السنّية، رفعت السقف عالياً. وهذا ما فعله وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، فأعلن: بعد حكم المحكمة لا يمكن المشاركة في حكومة مع حزب الله.

 

ويأتي موقف الحريري بعد مواقف كثيرة، بعضها علني وأخرى في جلسات مغلقة، كاجتماع رؤساء الحكومة السابقين. لكن رئيس تيار المستقبل رفض أن يُصدر موقفاً مشتركاً مع الرؤساء، وترك المجال مفتوحاً لإصدار بيان باسمه منفرداً، فصوب فيه على رئيس الجمهورية من باب خرقه الدستور، وعدم قناعته بحصول متغيرات كبيرة تفترض تغييراً في التوجهات والرؤى.

 

يقفز من السفينة

قد يكون الحريري تأخر في إعلان موقفه. وهو كان ينتظر جولة المفاوضات التي يجريها الرئيس نبيه برّي. لكنه في النهاية وصل إلى  إعلان عزوفه عن الترشح لرئاسة الحكومة.

 

سابقاً، بعد محاولة تسويق سمير الخطيب، انتهج الحريري النهج نفسه: عقد اجتماعاً مع رؤساء الحكومة السابقين ولم يصدر بياناً واضحاً. وبعدها أعلن رفضه الترشح لرئاسة الحكومة. وبعد بيانه الشهير آنذاك، انتقلت المفاوضات إلى مرحلة جديدة من الشروط. وحين دعا رئيس الجمهورية إلى استشارات نيابية ذات إثنين، انتظر الحريري يومها جواباً من القوات اللبنانية، فأبلغته فجر الإثنين ذاك اعتذارها عن تسميته، فاتصل بعون صباحاً وطلب منه تأجيل الاستشارات، ثم عزف فعلياً عن الترشح.

 

اليوم تتكرر الأحداث لكنها لا تتشابه: هناك متغيرات كثيرة حصلت، والأزمة تعمقت بين الحريري من جهة وعون وباسيل من جهة أخرى، والجو الدولي يضغط بقوة على لبنان.

 

عزوف الحريري اليوم لا يمكن أن يكون مناورة أو رغبة منه في تحسين شروط التفاوض، كما فعل سابقاً. المرحلة مختلفة كلياً. لقد رمى الكرة في ملعب حزب الله وميشال عون. وهو يعرف أن شروطه لم تمرّ في عملية تشكيل الحكومة بسبب موقف جبران باسيل الذي يضطر حزب الله مجدداً لمسايرته. وفي خلفية رأس الحريري أن حزب الله سيدفع المزيد من الخسائر من أجل باسيل. ورمى الحريري في وجه عون كرة التعطيل وتجاوز الدستور بتأخيره الاستشارات.

 

تشدّد عون

جاء موقف الحريري بعد مواقف تصعيدية من عون ضده. مصادر متابعة أشارت إلى أن عون شنّ حملة قوية على الحريري في الكواليس السياسية، مردداً أنه غير موافق أبداً على تكليفه رئاسة الحكومة. وهو لن يوقع على أي حكومة يشكلها الحريري بشروطه، لأنه رئيس تيار سياسي ولا يمكنه استثناء رؤساء التيارات السياسية من المشاركة في الحكومة. وما يسري عليه يجب أن يسري على غيره.

 

وتشدد عون في رفض الحريري وشروطه، وطلب ممن يتواصل معهم البحث عن رئيس للحكومة غير رئيس تيار المستقبل.

 

نسخة عن حسان دياب

والآن يُفترض أن يكون عون وحزب الله أمام خيارين: إما الاستمرار في تأجيل الاستشارات، وبالتالي إطالة أمد حكومة تصريف الأعمال. وإما الذهاب إلى خيار بديل، سيكون على غرار حكومة حسان دياب.

 

لذا لا يمكن الحديث عن حكومة قادرة على حلّ الأزمة، ولا على تحصيل مساعدات. وخصوصاً مع ما يتنامى تسريبه من أسماء لتشكيل الحكومة.

 

ربما اختصر الحريري المشهد كله بجملة واحدة من بيانه: القوى السياسية لا تزال في حال إنكار شديد للواقع، وتستمر في محاولات الابتزاز لتحقيق أحلام شخصية مفترضة في سلطة لاحقة. وبهذه العبارة يكشف الحريري أن رئيس الجمهورية وجبران باسيل، حاولا التفاوض معه على تشكيل الحكومة، مقابل مقايضة مستقبلية بينه وبين باسيل. وهذا ما رفضه حسب بيانه.