الآتي أسوأ: الدولة بلا غطاء.. ولبنان غزّة ثانية!

27 أغسطس 2020
الآتي أسوأ: الدولة بلا غطاء.. ولبنان غزّة ثانية!

كتب منير الربيع في “المدن”: قد يتخطى إعلان الرئيس سعد الحريري عزوفه عن تولي رئاسة الحكومة، وسحب اسمه من التداول، التفاصيل المحلية أو الداخلية اللبنانية. فخطوة الحريري جاءت بعد جولات أفق محلية وخارجية، قد يكون استنتج منها أن لبنان مقبل على مرحلة جديدة. مرحلة عنوانها سحب الغطاء عن عهد ميشال عون وحزب الله.

 

العهد بلا غطاء سني

وهذا مؤشر على أن الأيام المقبلة تحمل المزيد من التصعيد، طالما أن المسؤولين لم يحسنوا الاستفادة من جو التعاطف الدولي مع لبنان بعد تفجير مرفأ بيروت. وفي غياب الحريري، يكون العهد وحزب الله بلا غطاء سنّي، كان الحريري في ما يمثله قابلاً لتوفيره. لكن هذا الغطاء تبدد، فيما جاءت خطوة رئيس تيار المستقبل لتجنّب التصعيد والانفجار في وجهه.

 

وكان الحريري واضحاً في ما قاله: لن أترأس حكومة بلا ضمانات إقليمية ودولية لتوفير المساعدات. وعزوف الحريري يعني عدم توافر هذه الضمانات. ويعني أيضاً توقع المزيد من الضغوط والعقوبات على لبنان، واستمرار مسار التصعيد والانهيار، بأوجه متعددة.

 

مأزق عون وحزب الله

وفي خضم التعاطف الدولي مع البلد، غاب الحديث الجدي عن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. ما يعني أن الوضع اللبناني أُزيح جانباً، وجلّ ما يحكى عنه من مساعدات مجرد مساعدات غذائية لا أكثر.

 

قرأ الحريري الطالع، فكر طويلاً، وقرر الجلوس جانباً، رامياً الكرة في ملعب حزب الله وحليفه التيار العوني. وهي كرة قابلة للانفجار في أي لحظة.

 

حتى الآن لا توافق حول وجهة إجراء الاستشارات النيابية. وكان حزب الله يميل إلى تشكيل حكومة من عشرين وزيراً: 6 وزراء دولة سياسيين، و14 وزيراً اختصاصياً، برئاسة سعد الحريري. لكن بعد عزوف الحريري تغيّرت المعطيات. وليس من تحديد موعد للاستشارات النيابية. إذاً الصراع مستمر حول التأليف قبل التكليف، وهوية الرئيس المكلف. والأزمة طويلة.

 

أخضر بلا حدود” وصواريخ

يأتي ذلك على وقع فصول تصعيد كثيرة، آخرها المشهد في الجنوب اللبناني، وإعلان الجيش الإسرائيلي عن استهداف مراكز رصد لحزب الله. وذكر الجيش اللبناني أن ما استهداف هو مراكز لجمعية “أخضر بلا حدود”. والجمعية هذه مصنّفة أميركياً وإسرائيلياً بأنها جمعية لحزب الله، ويخزّن في مراكزها أسلحة وصواريخ، ويمنع قوات اليونيفيل من الدخول إليها وتفتيشها.

 

ويأتي التصعيد الإسرائيلي في الجنوب، على مسافة يومين من التمديد لقوات اليونيفيل. والوقائع هذه تخدم التوجه الإسرائيلي: غياب الدولة عن تلك المنطقة، التي يفعل حزب الله ما يشاء فيها. وهذه الصورة تتكامل مع النظرة الأميركية حول وجوب تعزيز صلاحيات قوات اليونيفيل.

 

تباين أميركي – فرنسي

حدثت هذه التطورات فيما وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو يزور إسرائيل، ويوجه رسالة إلى الحزب الجمهوري من القدس. وفيما الولايات المتحدة تتشدد أكثر فأكثر تجاه حزب الله، في مؤشر يفيد بأن الآتي سيكون كبيراً. وهذا شطر من الأسباب الإقليمية التي حملت سعد الحريري على العزوف عن ترؤس الحكومة.

 

ولا يمكن فصل هذا كله عن تأجيل ديفيد شينكر زيارته لبنان. وإذا أضفنا تأكيد قصر الإليزيه على إبقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارته لبنان في موعدها في أول أيلول المقبل، يبرز واضحاً التباين الأميركي – الفرنسي حول الأزمة اللبنانية. وهذا ما بدا واضحاً في تصويت مجلس الأمن لفرض عقوبات على إيران، وفي خلاف باريس وواشنطن حول عمل قوات اليونيفيل في الجنوب.

 

زيارة ماكرون لتأنيب المسؤولين

لكن المعطيات تشير إلى أن زيارة ماكرون لن تكون مدخلاً لحل الأزمة. بل للوم المسؤولين اللبنانيين وتأنيبهم، وتحميلهم مسؤولية الانهيار، لأنهم لم يقدِموا على أي خطوة إصلاحية أو إنقاذية.

 

لبنان إذاً في مهب مرحلة جديدة عنوانها: الدولة فاشلة، فيما تظهر واشنطن وكأنها تخرج من المنطقة، بعد إعلانها الاستعداد للانسحاب من العراق.

 

نموذج غزّة

وهذا فيما تتبلور تحالفات جديدة، تنضوي تحت السقف الأميركي: الأول عراقي ـ مصري – أردني. والثاني خليجي عربي مع الإسرائيليين. والثالث تركي – قطري.

ووسط استمرار التصعيد الأميركي ضد إيران وأذرعها، يظل لبنان خارج هذه الخطوط.

 

وإذا استمر هذا المسار سيكون مصير لبنان كمصير غزة: وأقصى ما يمكن تقديمه له هو المساعدات الغذائية.