فالقيادات السياسية تعلم تماماً حساسية المنطقة واختلاطها، خصوصاً أن إشكالات عديدة وقعت فيها سابقاً. لكن الأهمّ يبقى ميدانياً، إذ وقع الإشكال الأول عند قرابة السادسة حين سقط قتيلان الأول من آل غصن من أبناء العشائر العربية والثاني من آل هدوم سوري الجنسية. إضافة إلى إصابة ما لا يقلّ عن ثمانية جرحى، إصابات أغلبهم طفيفة. وعمل الجيش بعدها على الانتشار في المنطقة، وأصدر بياناً أكد فيه أنه تمّ “تطويق الإشكال وتسيير دوريات في منطقة خلدة وقد تمّ توقيف أربعة اشخاص بينهم اثنان من الجنسية السورية وتجري ملاحقة باقي المتورطين لتوقيفهم”.
اشتباك ثانٍ
وبعد أقل من ساعة على صدور بيان الجيش، تكرّر الاشتباك بين المجموعتين، وتمّ استخدام قذائف صاروخية من نوع “أر. بي. جي” (ب 7) وجّهت باتجاه أحد المنازل الذي كان خالياً من سكّانه. كما عمدت بعدها مجموعة من أبناء العشائر على إطلاق القذائف الصاروخية والرصاص الكثيف على مبنى “سنتر شبلي” الذي يقع فيه المركز التجاري “الرمّال”، وقاموا بإحراقه بالكامل. واستمرّ سماع إطلاق الرصاص لساعات الليل، وتمددت الاشتباكات ناحية عرمون ودوحة عرمون. واستقدم الجيش تعزيزات أمنية في محاولة لاحتواء الاشتباك، مع منع المسلّحين من الخروج إلى الطريق الدولي في المحلة. وتم تحويل السير من جهة الأتوتستراد إلى الطريق البحرية، حيث انتشرت أيضاً العناصر الأمنية. مع العلم أنّ عناصر من الجيش انتشرت على كل مداخل خلدة وعرمون ومنعت دخول وخروج الناس إليها.
قطع طرقات
وبينما تم التداول في معلومات عن توسّع رقعة الاشتباك إلى السعديات والناعمة، أكدت مصادر محلية لـ”المدن” أنّ أي إشكال أو اشتباك لم يحصل في المنطقة، على الرغم من محاولة عدد من أبنائها قطع الطريق تضامناً مع أبناء العشائر. وفي الإطار نفسه، عمد أبناء العشائر العربية في الضنية وعكّار على قطع الطرقات احتجاجاً على الحادثة، مؤكدين التضامن مع العشائر في خلدة. أما في بيروت، فعمد العشرات إلى قطع الطريق في محلة قصقص، حيث أشعلوا حاويات النفايات بمواكبة من القوى الأمنية التي عملت على تهدئتهم وتحويل السير باتجاه الطرقات الفرعية.
أمل تنفي والعشائر تهاجم
وبينما نفت حركة أمل علاقتها باشتباك خلدة، أصدر اتحاد أبناء العشائر العربية في لبنان بياناً ناشدت فيه “قيادة الجيش اللبناني وقادة الأجهزة الأمنية وخصوصاً اللواء عباس إبراهيم، التدخل لوقف الاشتباك في خلدة، ونحمل القيادة السياسية مسؤولية ما يحصل الآن”.
وأضاف البيان الصادر عن العشائر أنه “بالأمس طالبنا قيادة الحزب، واليوم نتوجه لقيادة الحزب والحركة، مناطق العشائر العربية في لبنان لن تكون مرتعاً لتوجيه رسائلكم السياسية ونحملكم مسؤولية كل قطرة دم واحدة تسقط من العشائر”. وشنّ الاتحاد هجوماً على الثنائي فأشار إلى أنه “كنا وما زلنا تحت سقف القانون، كنتم وما زلتم خارج القانون، كنا وما زلنا مع الدولة ومؤسساتها، كنتم وما زلتم مع الدويلة وهدم مؤسسات الدولة، كنا مع سلاح الدولة وحولتم سلاح المقاومة لسلاح طائفي وميليشيوي”. وحذّرت العشائر مشيرةً إلى أنّ “السلاح لن يكون بعيداً عن متناول يدنا، أوقفوا تشبيحكم قبل خروج الأمور عن السيطرة”، وختم البيان: “لسنا المحكمة الدولية لننتظر حقنا، نحن نار ونحرق من يعبث معنا”.