من بشري إلى أستراليا: روز سكر لا تزال تعمل سائقة تاكسي في عمر 78 عاما

29 أغسطس 2020
من بشري إلى أستراليا: روز سكر لا تزال تعمل سائقة تاكسي في عمر 78 عاما

قبل أكثر من ستين عاما وصلت السيدة روز كيروز سكر إلى أستراليا قادمة من بشري في شمال لبنان. لم تكن روز ابنة السابعة عشر عاما في هذا الوقت قد غادرت لبنان بل ومسقط رأسها بشرى من قبل.
وبحسب تقريرٍ عن السيدة روز نشر على موقع “أس بي أس عربي 24″، تتذكر السيدة روز هذه اللحظات قائلةً: “كانت ثورة 58 قد وقعت وأنا تركت البلد عام 1960، وكانت خطوة صعبة على للغاية لأنني كنت متعلقة بالبلد كثيرا.”

كانت وجهتها إلى سيدني، حيث ستقابل ابن عمتها الذي لم ترَه في حياتها وتتزوجه هناك لتأسيس عائلة: “لم أكن أعرف عمتي، ولكن الأهل تحدثوا مع بعضهم، ووقتها كان من الدارج أن تحدث تلك الترتيبات، ونحن البنات كنا ننصاع لما يتم الاتفاق عليه”.
لكن النتيجة كانت “ناجحة جدا” كما تقول روز سكر التي أصبحت أما وجدة وأم الجدة أيضا، حيث أنجبت ست بنات وصبي واحد، كلهم تزوجوا. كما أصبحت أحد أعمدة مجتمع بشرى في الاغتراب، بل وأحد أعمدة العمل التطوعي والاجتماعي بين أبناء الجالية اللبنانية في أستراليا.
بدأت مع زوجها جو سكر في خوض “الطريق الصعب” في الستينات بأستراليا: “دخلنا بالمجتمع الأسترالي ووجدنا أن هناك فارق كبير بين المجتمع اللبناني والأسترالي.” وأضافت “لكننا تعلمنا من المجتمع الأسترالي، وأتمنى المزيد من النجاح لأستراليا التي استضافتنا وأعطتنا كل شيء يحتاجه الإنسان عندما تركت لبنان.”
لم تتوقف السيدة روز حتى الآن من العمل على ثلاث جبهات: عملها اليومي، وعملها المجتمعي التطوعي وعملها في أسرتها. وفي عمر الثامنة والسبعين لا تزال روز كيروز سكر تعمل كسائقة تاكسي، وهي مهنة من عدد من المهن التي عملت بها منذ وصلت إلى أستراليا.
وقالت “عندما وصلت عملت بمهنة المحاسبة، وتعلمت على يد أحد اللبنانيين من الشوف، وكان سعيدا جدا أني تعلمت واتقنت الوظيفة.” وأضافت “ولكن بعد أن أنجبت طفل ثم اثنين فثلاثة، أصبحنا عائلة وصار من الصعب على أن أعمل لمدة ثمان ساعات بعيدا عن الأولاد.”
لم تقبل السيدة روز بالمكوث في المنزل ولكن بحثت عن وظيفة بدوام جزئي: “تعلمت مهنة جمع التذاكر في الحافلات، وأصبحت أعمل بدوام جزئي، أربع ساعات في الصباح وأربع بعد الظهر.”
لم تكتف بهذا الحد بل قررت مساعدة زوجها الذي يعمل على سيارة تاكسي: “أردت أن أتعلم الوظيفة فذهبت للحصول على رخصة القيادة، لأعمل أن أيضا على التاكسي، وفي الحافلة.”

أصبح وقتها مقسّماً بين التاكسي وجمع التذاكر على الحافلة والعائلة ولكن..ماذا عن مجتمعها؟
قالت السيدة سكر “لم تكن هناك جمعية لأبناء بشرى، فقمنا بتأسيسها وبدأنا نتعرف على بعضنا من خلال تلك الجمعية.” وأضافت “انضممت إلى جمعية سيدات لبنان، ثم انضممت لعشر سنوات إلى الجمعية اللبنانية الأسترالية، حتى أصبحت رئيسة الجمعية وكنت في نفس الوقت رئيسة جمعية سيدات بشرى.”
لا يمكن أن تتحدث السيدة كيروز سكر عن لبنان دون أن تخنق الدموع صوتها، رغم أنها تركته منذ 60 عاما. رحيلها عن لبنان رغم أن نتيجته كانت مجزية إلا أنه كان صعب عليها وهي في عمر السابعة عشر: “أتمنى ألا تتكرر تلك التجربة على أي بنت لأنها صعبة للغاية.”
وشاركتنا السيدة روز بالوصفة السحرية التي جعلتها نموذجا ناجحا في الاغتراب اللبناني: “الحفاظ على لبنانيتنا مع احترام البلد الذي نعيش فيه، أن نحاول أخذ الأشياء الجيدة ونعطيها للبنان ولأهل لبنان من أجل مساعدتهم على تجاوز الصعوبات والأزمة التي يعيشون فيها وهي ليست سهلة على الإطلاق.”