مصطفى أديب رئيس حكومة الأوادم

31 أغسطس 2020
مصطفى أديب رئيس حكومة الأوادم

بين حسّان دياب والدكتور مصطفى أديب فوارق كثيرة. الأول سمّته الأكثرية النيابية، فكان رئيس حكومة “اللون الواحد”. الثاني رشحه رؤساء الحكومات السابقون وتبّنى هذا الترشيح الثنائي الشيعي، وهذا يعني أن أديب آتٍ إلى الحكم بشبه إجماع وطني، وهو إبن بيئته على عكس ما كان عليه دياب، الذي كان مرفوضًا من الطائفة السّنية، دينًا ودنيا.


إختير الدكتور أديب، وهو يشغل منصب سفير لبنان في برلين منذ العام 2013، وقد نجح في تمثيل لبنان خير تمثيل في بلاد تربطها بلبنان علاقة صداقة وودّ وإحترام ومصالح مشتركة، إختيرلشخصه ووسع إطلاعه وثقافته، ولخبرته الدبلوماسية والسياسية، ولقربه من جميع الأطياف اللبنانية على مختلف مشاربهم، وهو حتمًا سيسعى مع رئيس الجمهورية ومختلف الأطراف الفاعلة في البلد، وبدعم قوي من مرجعياته السياسية، إلى تأليف حكومة تشبهه، أي حكومة الأوادم، وهم موجودون حتمًا لدى جميع الأفرقاء السياسيين، وبالأخصّ في المجتمع المدني، الذي أثبتت النخب فيه، منذ 17 تشرين الأول أنها على قدر عالٍ من المسؤولية، وعلى الأرجح سيكون لها في التركيبة الحكومية حضور وازن.

للبرهة الأولى، يتبيّن أن طريق التأليف ستكون مسهّلة، خصوصًا إذا ما قرر المعطّلون المعروفون الإقلاع عن وضع العصي في الدواليب، وربما ستكون حكومة أديب الفرصة الإنقاذية الأخيرة، مع ما يتناسب من خطوات ستقوم بها الحكومة العتيدة حتمًا، وهي خطوات إصلاحية تجاوبًا مع المطلب الدولي، وعلى رأس المطالبين فرنسا، التي يزور رئيسها لبنان لمشاركته في إحتفالية مئوية قيام لبنان الكبير، وهي مناسبة للعودة إلى الذات وما يشبه فحص ضمير وطني، الأمر الذي قد يتيح للجميع إعادة حساباتهم بما يتلاءم مع متطلبات البدء بالمئوية الثانية على أسس واضحة وسليمة، بعيدًا عن الضغائن والأحقاد والشخصانية القاتلة، لأن هذا البلد لا يبنيه إلاّ أبناؤه متضامنين ومتكاتفين.

وقد تكون فرصة تسمية الدكتور أديب مهمة من حيث إحترام منطوق الدستور اللبناني، الذي ينص على وجوب التكليف قبل التأليف، وهذا ما سيسعى إليه الرئيس المكلف الجديد من خلال مروحة واسعة من المشاورات النيابية والسياسية لتأتي الحكومة العتيدة معبّرة أصدق تعبير عمّا يريده الشعب وما يطمح إليه من إصلاحات جذرية، إدارية ومالية، خصوصًا أنها ستكون مدعوة لملمة جراح اللبنانيين، الذين تشظوا بفعل إنفجار المرفأ، فضلًا عمّا هم مقبلون عليه لجهة تحمّل مسؤولية تاريخية في هذه المرحلة المفصلية، مع ما تتطلبه من جرأة في الإقدام وسرعة في التقرير، وعدم الإكتفاء بالندب كما كان يحصل في حكومة “النق”والمصائب والكوارث.

إبتداء من يوم الأربعاء، اي في اليوم الأول من المئوية الثانية، ستنطلق الإستشارات النيابية، وسيكون للرئيس المكلف فكرة واضحة عن شكل الحكومة العتيدة، مع الأمل على أن تكون ولادتها سريعة، لأن الظرف المصيري لا يسمح بكثير من الدلع والمماطلة والتسويف وإضاعة الوقت.