3 أشهر وإلا العقوبات
قال ماكرون للبنانيين إن أمامهم ثلاثة أشهر لتحقيق التغيير الفعلي، وإلا ستفرض عليهم العقوبات. وهذا يعني أن الرئيس الفرنسي حصل على مهلة أميركية مدتها هذه الأسابيع، لمراقبة ما يمكن أن تحققه فرنسا.
تجنّب سلاح حزب الله
رحّب ماكرون بطرح الدولة المدنية.
تحدث وكأنه يتبنى خطاب حزب الله ورئيس الجمهورية في مسائل التدقيق المالي، وتغيير سلوك مصرف لبنان، والقطاع المصرفي
لكنه لم يقترب من أي طرح أو نقاش يتعلق بسلاح حزب الله مثلاً، أو النأي بالنفس أو الحياد. وهذا يعني أنه تجنب الكلام والبحث في ما يعتبر من أهم الشروط الأميركية والسعودية للتعاون مع لبنان وتقديم المساعدات له: مسألة حزب الله وسلاحه.
لذا، من الواضح أن ماكرون ينفذ مشروعاً اقترحه في زيارته الأولى إلى لبنان، قوامه تقسيم التسويات على مرحلتين: مرحلة أولى لتشكيل الحكومة وإنجاز الإصلاحات، وتأجيل البحث في الملفات الخلافية إلى مرحلة لاحقة. وهو يستفيد من الانشغال الأميركي بالانتخابات.
لكنه حصل على مهلة أميركية لمعرفة ما يمكن أن يحقق من تنازلات
دولة مدنية للغلبة الشيعية
المؤكد أن الفرنسيين يعملون على الذهاب إلى صيغة سياسية ودستورية جديدة في لبنان، تعيد رسم التوازنات. اجتماع القوى على الدولة المدنية، يؤسس لانتصار سياسي كبير لحزب الله.
فهي ستكون مقدمة لاستنساخ النموذج الإيراني بسبب الخلل الكبير في الواقع الاجتماعي، وتكريس الغلبة الشيعية المتراصة خلف الحزب الشيعي المسلح.
والأهم أن ما يجري كله يتجاهل موضوع السلاح أو النقاش فيه. المناقشات والمساعي الدائرة كلها تكرس منطق منح المكتسبات لمن يدخل في صراعات عسكرية مسلحة.
أول طرح بديهي للدولة المدنية مثلاً، يتمثل بقانون انتخابي يتجاوز القيد الطائفي، وتشكيل مجلس نيابي على هذا الأساس، بمعزل عن صيغة وتفصيل الدوائر الانتخابية.
وهذا يعني أن الفائز الأكبر سيكون حزب الله، الذي تصطف خلفه الطائفة الشيعية بغالبيتها الساحقة، بينما البيئات والطوائف الأخرى كلها عرضة للاختراقات.
أمن إسرائل
كشف أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله عن عروض كثيرة قدّمت لحزبه الكثير من المغريات مقابل السلاح، لكنه تمسّك به.
المبادرة الفرنسية منحته فرصة ليقول للبنانيين: “رفضتم الميثاق الجديد عندما طرحناه، لكنكم وافقتم عليه عندما طرحه الفرنسيون”، على أن تنتج المبادرة الفرنسية تعايشاً مع واقع حزب الله كما هو.
وقد يكون هذا التعايش شبيهاً بالذي نشأ في سوريا الأسد منذ السبعينيات حتى اليوم: التعايش مع واقع حزب الله في لبنان لسنوات طويلة مقبلة، طالما أمن إسرائيل مضمون، ولا كسر لتوازن استراتيجي يهدد أمنها، في حال التوصل إلى اتفاق على ترسيم الحدود وتفكيك الصواريخ الدقيقة.
أميركياً، لم يتغير شيء من الشروط. وبمعزل عن نجاح ماكرون في تشكيل حكومة غير سياسية، فإن البحث السياسي سيأتي لاحقاً، وبالعناوين المطروحة نفسها.
ما يعني تفريغ مبادرة ماكرون من مضمونها، أميركياً وسعودياً.