أمين سر الفاتيكان في بيروت.. “لبنان ليس لوحده ومعا سنعيد بناء بيروت”

وهبة: قبلة البابا فرنسيس للعلم اللبناني لامست قلوب الجميع

4 سبتمبر 2020
أمين سر الفاتيكان في بيروت.. “لبنان ليس لوحده ومعا سنعيد بناء بيروت”

وصل بعد ظهر اليوم الى مطار رفيق الحريري الدولي – بيروت، أمين سر قداسة البابا فرنسيس الكاردينال بيترو بارولين، في زيارة تضامنية مع بيروت وعائلاتها المسيحية وجميع اللبنانين، بعد الانفجار المأساوي في مرفأ بيروت في الرابع من شهر اب الماضي، لإحياء ذكرى الضحايا و للصلاة من اجل إعادة إعمار المدينة والوطن بسرعة.
وكان في استقبال الكاردينال بارولين على أرض المطار وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال شربل وهبه، السفير البابوي في لبنان جوزيبي سبيتري والمستشارة عبير العلي من مديرية المراسم في وزارة الخارجية اللبنانية الى وفد من السفارة البابوية في لبنان ووزارة الخارجية اللبنانية.

واعرب الوزير وهبه للكاردينال بارولين عن “بالغ التقدير والاحترام لما قام به قداسة البابا فرنسيس عندما قبل العلم اللبناني، إذ ان تلك المباركة لامست قلوب اللبنانين”.

وكان البابا فرنسيس وفي مشهد استثنائي قبل العلم اللبناني، واعلن ان “لبنان يواجه خطرا حقيقيا ويجب عدم التخلي عنه”. ودعا المؤمنين في كل انحاء العالم، الى يوم عالمي للصلاة من اجل لبنان نهار غد الجمعة في 4 الحالي.

5f511cce2fe55

الى كاتدرائية مار جرجس:: ومن المطار توجه الكاردينال بارولين والوفد المرافق مباشرة الى كنيسة كاتدرائية مار جرجس المارونيّة في وسط بيروت، حيث كان في استقباله رئيس أساقفة بيروت الماروني المطران بولس عبد الساتر، متروبوليت بيروت للروم الكاثوليك جورج بقعوني، مطران طائفة اللاتين سيزار اسايان، مطران الأرمن الكاثوليك جورج اسادوريان مطران السريان الأرثوذكس جورج صليبا، مطران السريان الكاثوليك ماتياس مراد وعدد من الكهنة والراهبات، واطلع الكاردينال بارولين على الأضرار التي اصابت الكاتدرائية ورفع الصلاة على نية المدينة وضحايا الانفجار.

Barolin

لقاء: بعد ذلك انتقل الكاردينال بارولين والوفد المرافق الى قاعة المطرانية وعقد لقاء بحضور اصحاب السيادة واصحاب السماحة والفضيلة وهم: الشيخ محمد انيس الأروادي مدير عام الأوقاف الأسلامية ممثلا مفتي الجمهورية، مفتي صور وجبل عامل الشيخ حسن عبد الله ممثلا رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، الشيخ سامي ابو المنى ممثلا شيخ عقل الطائفة الدرزية نعيم حسن، والمطارنة: بولس عبد الساتر، جورج بقعوني، ميشال قصارجي، ماتياس مراد، جورج اسادوريان، سيزار اسايان، دانيال كورييه، ميغارديش كراكورديان المتروبوليت سلوان موسي، شاهي بانوسيان، وجورج صليبا، القس حبيب بدر، الأمينة العامة لمجلس كنائس الشرق الأوسط ثريا بشعلاني وممثلون عن الصليب الأحمر وكاريتاس ومؤسسة اديان وجمعية حوار للحياة والمستقبل.

عبد الساتر: والقى المطران عبد الساتر الكلمة الآتية: “بفرح القائم مع المسيح وأمل المؤمن الموجوع، نستقبلكم هذا المساء في كاتدرائية مار جرجس المارونيّة المجروحة والمتألمة الشاهدة على أولادها المقطّعين المتطايرين في الجو جراء إنفجار الرابع من آب الاجرامي.
حضوركم بيننا يعني أن الكنيسة في العالم بكل أعضائها، وعلى رأسهم البابا فرنسيس، تحبنا وتدعمنا بالصلاة وأفعال التعاضد.
نرجو من نيافتكم أن تخبروا قداسة البابا أن الكنيسة في لبنان، بكل أبنائها المتألمين، بل المحتضرين، ستبقى تترجى حيث لا رجاء، وستنطلق من جديد لتبقى رمزًا لمحبة المسيح لكلّ إنسان.
صاحب النيافة، إلى جانبنا هنا كهنة الرعايا المجاورة الذين رأوا كنائسهم تنهار أمام أنظارهم وأبناءهم يموتون ودماءهم تهرق. منذ الرابع من آب وهم في الشوارع إلى جانب شعبهم، يعالجونه ويواسونه. حملوا الرفش والمطرقة والمنشار لإصلاح ما يمكن إصلاحه. وضعوا بطرشيلهم على أكتافهم ليحملوا الصليب مع الجرحى ويرافقوا الموتى إلى مثواهم الأخير. أشكرهم من كل قلبي.
صاحب النيافة، شعب لبنان الذي عانى يستحق العيش بكرامة وبسلام. إنه يرفض أن يكون ضحية تداعيات الصراعات الدولية وفساد غالبية المسؤولين اللبنانيين. بكل تواضع، نطلب من قداسته ومن نيافتكم مضاعفة الجهود إلى جانب المجتمع الدولي من أجل تحييد بلدنا عن الصراعات والمصالح الوضيعة للمحاور الدولية.
صاحب النيافة، الشرق يُفرّغ باستمرار من الوجود المسيحي، وخصوصا من شبابه. وربما يكون هذا مخطط البعض. نلتمس منكم من عمق محنتنا هذه، أن تعملوا ما بوسعكم لإفشال هذا المخطط القبيح والمؤذي.
صاحب النيافة، نرجو منكم أن تنقلوا محبتنا البنوية لقداسته وامتناننا لشخصه الكريم”.

كلمة الكاردينال بارولين: والقى الكاردينال بارولين كلمة شكر فيها المطران عبد الساتر على استضافته وقال: “انا ممتن لكم جميعا الحاضرين هنا للمشاركة معنا في هذه الوقفة الروحية، لا زلنا تحت صدمة ما حصل الشهر الماضي، ونعبر عن تضامننا مع جميع ضحايا هذا الإنفحار، نسأل الله أن يعيننا بقوته لكي يعين الأشخاص المتألمين وان نعيد بناء بيروت”.

واضاف:”لدى وصولي الى هنا كنت اود ان اقول لكم اننا كنا نرغب ان نلتقي في ظروف مختلفة، ثم قلت لنفسي لا لأن اله المحبة والرحمة هو ايضا اله التاريخ، ولذلك نحن نؤمن أن يد الله تديرنا، وهو يريدنا ويدعونا ان نكمل رسالتنا للوقوف إلى جانب إخوتنا والعناية بهم في هذا الظرف الحاضر رغم كل المصاعب والتحديات.
جئت إلى مدينتكم التاريخية لأعبر عن قرب الكنيسة الكاثوليكية منكم، وقد طلب البابا فرنسيس ان اتي اليكم والتقي بكم بعد ان أطلق نداءه بالأمس، ودعوته ليوم صلاة وتضامن مع بيروت ومع كل لبنان، وكان التجاوب مع دعوة البابا كبير جدا من كل الدول ومن مختلف القارات ، انتم لستم لوحدكم، بالطبع لا احد يستطيع ان يعيش في مثل هذه الظروف وهو يخاف بشكل مستمر على حياته وحياة احبائه. ولهذا نقف بجانبكم بصمت وبتضامن لنعبر عن محبتنا لكم ، ونقف الى جانبكم ونعلن بشجاعة ان كلامنا سيساعدنا لتنقية ذواتنا ولتعزيز نوايانا من اجل، الثبات في العيش معا وفي العمل من اجل السلام والكرامة الإنسانية، ولنسعى من كل قوانا من اجل حوكمة افضل تركز على المسؤولية والشفافية والمحاسبة. معا يمكننا ان نهزم العنف وكل اشكال التسلط عبر المواطنة الحقيقية للتنوع المبنية على احترام الحقوق والواجبات الأساسية”.
اضاف: “في رسالته في مناسبة اليوم العالمي للسلام عام 2018 كتب البابا فرنسيس عندما تصبح ممارسة السياسة والسلطة السياسية هادفة من اجل حماية مصالح القلة وقياداتها يصبح المستقبل مهددا وخاصة مستقبل الشباب، لأنها تفقدهم الثقة ويصبحون مدفوعين الى هامش المجتمع بدون مشاركة في بناء مستقبلهم المشترك”.

ادعوكم لنطالب وباصرار من جميع المسؤولين السياسيين اكانوا في الأحزاب التقليدية او الحركات الجديدة الناشئة ليعززوا بصدق وفعالية مواهب الشباب الصاعد وطموحاتهم بالعيش معا بسلام وبناء مستقبل افضل.

وقال: “لا احد يحق له ان يستغل احلام الشباب وييستعملها لمصلحته ولكن بالعكس على الجميع ان يسهموا في المشاركة الفعالة لهؤلاء الشباب في بناء مجتمعهم.
ولا يسعني الا ان اذكر ميزة لبنان الذي زاره السيد المسيح مع تلاميذه ومع امه مريم التي لديها محبة من كل اللبنانيين. نحن جميعا كقيادات روحية لدينا رسالة ان نعي الأمل وخاصة للشعوب المتألمة والمنكوبة وعلينا ان نقوم بهذا الواجب ونحن نخدم اخوتنا في الإنسانية بدءا بالذين هم اكثر حاجة .والتضامن الذي يعاش في بيروت يعزز الأمل لدينا وتعطينا املا بالمستقبل، ومع الحاضرين معنا هذه المساء اقول علم انكم انتم تتحملون الجزء الأكبر من المسؤولية وتبذلون جهودا جبارة من اجل عدم ترك اي شخص في هذه المآساة وهذه الظروف الصعبة . وانتم اوفياء لرسالة لبنان التريخية في الإبداع والمناعة والتضامن المشترك. في الختام اكرر نداء البابا فرنسيس الى الجماعة الدولية لا تدعوا لبنان وحيدا، لبنان الى العالم ولكن العالم ايضا يحتاج ايضا الى خبرة لبنان الفريدة في التعددية ولعيش معا والتضامن والحرية التي هي لبنان، ومعا سنعيد بناء بيروت.

الشيخ اروادي: وتوجه الشيخ اروادي بكلمة شكر فيها قداسة البابا وعبر عن التقدير والأستعداد للتجاوب مع كل الرغبات الصادقة.

المفتي عبدالله: اما المفتي عبدالله فوجه الشكر للكاردينال وللبابا لعنايته الخاصة بلبنان، فلبنان رسالة عيش مشترك ورسالة للعالم هذه الرسالة تؤكد ان المسلمين والمسيحيين معا من اجل بناء هذا الوطن لبنان الذي عاني الكثير وسيواجه كل التحديات ، وهو سيكون على قدر المسؤولية وبدعاء قداسة البابا نحن اكثر اطمئنانا وهو كبخور نتبخر به عند الحاجة.

الشيخ المنى: شكر الشيخ المنى قداسة البابا على هذه المبادرة نحن في لبنان نعيش التنوع والتعددية ولدينا تجربة غنية، ولكننا للأسف انحدرنا في هذا الزمن الصعب الى صراعات والى ما يشبه انهيار الدولة نحن نرى ان صلواتكم وصلواتنا يجب ان تتحد من اجل لبنان، ويجب ان تكون دافعا للسياسيين والمسؤولين من اجل العمل الجاد والكفوء لتقدير هذه المبادرات والمساعدات والعمل معا لإنقاذ لبنان وطن الرسالة كما قال قداسة البابا يوحنا بولس الثاني لبنان اكثر من بلد انه رسالة.

5f513f48d0f44

في مسجد الامين: كما زار  بارولين، يرافقه السفير البابوي جوزف سبيتري، والمطرانان بولس عبد الساتر، وسلون موسي، وعدد من الكهنة والأباء، مسجد محمد الأمين، وكان في استقبالهم الشيخ محمد أمين الأروادي مدير عام الأوقاف الإسامية ممثلا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، ومدير العلاقات العامة في مكتب الرئيس سعد الحريري عدنان فاكهاني، واطلع الوفد على الأضرار التي اصابت الجامع.

وأضاف البيان: “استمع الحضور من فاكهاني إلى شرح عن المسجد الذي بناه الرئيس الشهيد رفيق الحريري إذ قال يومها: نحن لسنا في حاجة الى مساجد وكنائس اضافية، وهذا المسجد هو رسالة، فهو اكبر مسجد في لبنان بجانب اكبر كنيسة فيه، وهذه رسالة بيروت عاصمة التلاقي وكان افتتاحه عام 2008 لقاء وطنيا وشارك فيه كل رؤساء الطوائف”.

بارولين: وأمل الكاردينال بارولين من جهته، في ان “يشكل هذا الصرح الديني رمزا للوحدة بين اللبنانيين”.

وقال ردا على سؤال عن الحراك في لبنان، بانه “حركة جيدة تطالب الجميع بأن يكونوا مسؤولين، وهذه افضل رسالة تأتي من الشباب. قد قلت سابقا ما قاله قداسة البابا فرنسيس لكم: يجب الا ان نسرق مستقبل الشباب واملهم، وهذه دعوة إلى المسؤولين السياسيين لتحمل مسؤولياتهم، واعطاء الشباب اجوبة فعالة”.

وعن امكان زيارة البابا فرنسيس لبنان قال: “البابا يرغب في زيارة لبنان، لكن اذا كانت الشروط مؤاتية فهو مستعد لذلك”.

تبادل هدايا
بعد ذلك تم تبادل الهدايا وكتب الكاردينال بارولين على السجل الذهبي للمسجد: “انا اشكر هذا الأستقبال المميز، واطلب بصلاتي المرفقة بامنيات ان كل المؤمنين بالله يتمكنوا ان يعيشوا متحدين ليساهموا مع بعضهم في بناء جماعة متضامنة”.

كاتدرائية القديس جاورجيوس للروم: كما  زار  بارولين يرافقه المطران  عبد الساتر والسفير البابوي  كاتدرائية القديس جاورجيوس للروم الأرثوذكس وكان في استقباله متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة الذي قدم شرحا عن تاريخ الكاتدرائية والأيقونات والأثارات التي تحتويها.

5f514b95537d9 IMG20200903WA0132

واعلن بارولين ان هذه الزيارة لها اهميتها وتعبر عن التضامن المسيحي بين الكاثوليك والأرثوذكس ونحن نقف الى جانب اللبنانيين في مواجهة هذه الأزمة.

اما المطران عوده فاعتبر ان خطوة قداسة البابا فرنسيس تدل على وداعة وتواضع وهي حملت التعزية للجميع وللمسيحيين ، لا بل علم الجميع كيف يغفر الإنسان الى اعدائه، ولكن لا يستطيع الإنسان ان يغفر اذا كان لا يحب فمن يقول انا أحب الله ولا يحب الإنسان هو كافر وكاذب.

وقال”:نحن في فرح كبير باستقبال أخينا أمين سر الفاتيكان بيترو بارولين، يمكنني ان اقول اننا واحد، هناك فرح عندنا جميعا، هذا الفرح لا يأتي الا من القلب الذي يحب الله، فهنا نقول بأننا واحد بالمسيح وهذا يدل ان لا فرح الا اذا تعلقت باخيك.”.

وقال المطران عودة ردا على سؤال حول الوضع في منطقة المرفأ:”ان هناك أشخاصا جرحوا وهم يقبعون في المستشفيات وهناك اشخاص يستغلون الفقراء مستعدون لاستغلال أهالي بيروت وطرح شراء منازلهم وأراضيهم بأسعار باهظة لتغيير هوية بيروت، ولكننا نرفض اذية عائلتنا المسيحية”.

بعد ذلك قدم الكاردينال بارولين هدية تذكارية للمطران عودة ودون على السجل الذهبي: “عرفان جميل على الإستقبال الحافل الذي حفظ لي، اتمنى ان يكون هناك الإزدهار حتى الرب الذي يساعد الكل يعطينا جميعا نعمة الأيمان المشترك والنمو الحقيقي في سبيل انقاذ العالم”.

في حاريصا: وبعدها توجه بارولين الى  حريصا حيث تراس  ليلا قداسا في باحة مزار سيدة لبنان حريصا على نية ضحايا إنفجار المرفأ، في حضور مطارنة ورجال دين وحشد من المؤمنين..

وقال في العظة التي القاها:”سوف يتبدل الواقع في لبنان، اللبنانيون سوف يبنون بلدهم بمساعدة الأصدقاء وروح التفاهم والحوار والعيش المشترك الذي طالما ميزهم”.

اضاف: “جميع اللبنانيين بمختلف طوائفهم هم على موعد جديد مع التضامن والوحدة الوطنية”.

واشار الى ان “إعادة إعمار بيروت لن تتم فقط على المستوى المادي انما بيروت أم الشرائع سوف تولد مجددا من الرماد إذ تشهد على مقاربة جديدة لإدارة الشؤون العامة وكلنا أمل أن المجتمع اللبناني سوف يعتمد اكثر فأكثر على الحقوق والواجبات والشفافية والمسؤولية الاجتماعية وخدمة الخير العام.”

5f512fa6e7b18