‘لورنس العرب’ بين بيروت وبغداد.. وشرط أساسي لنجاح مهمة ماكرون

4 سبتمبر 2020
‘لورنس العرب’ بين بيروت وبغداد.. وشرط أساسي لنجاح مهمة ماكرون

تحمل زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان ومن ثم العراق أبعاداً تتخطى حدود البلديْن، فلا يمكن إغفال سياقها الإقليمي والدولي: أزمة اقتصادية غير مسبوقة في بيروت، انشغال أميركي بالانتخابات الرئاسية، وغليان في المتوسط. كان الوقت مؤاتياً ليدخل ماكرون إلى المشهد ويبرم تسوية مع إيران، ستنعكس بطبيعة الحال على لبنان والعراق، حيث تتقاطع المصالح الأميركية والإيرانية والتركية. 
في تقرير لها، ذهبت صحيفة “إيريش تايمز” إلى حدّ تشبيه ماكرون بلورنس العرب، فكتبت تقول: “عاد إيمانويل ماكرون إلى باريس مساء الأربعاء بعد رحلة دامت ثلاثة أيام زار خلالها بيروت وبغداد، ولعب دور لورنس العرب العصر الحديث”، مذكرةً بتصريحاته في لبنان والعراق حيث وعد مواطني البلديْن بـ”السيادة”. 
وفيما نقلت الصحيفة عن ماكرون قوله: “المعركة من أجل سيادة العراق أساسية” للسماح “لهذا الشعب وهذا البلد اللذيْن عانيا كثيراً” بـ”عدم الخضوع إلى حتمية سيطرة القوى الإقليمية والإرهاب”، لفتت إلى أنّه كان الرئيس الأجنبي الأول الذي يلتقي برئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، مضيفةً أنّه اجتمع أيضاً بالرئيس برهم صالح ورئيس البرلمان محمد الحبلوسي ورئيس إقليم كردستان نيجيرفان برزاني. 
وفي تقريرها، نقلت الصحيفة عن مدير الأبحاث في معهد “إيريمو” الفرنسي، عادل باخوان، ربطه زيارة ماكرون إلى العراق بعودة تنظيم “داعش” والتنافس مع تركيا، حيث يتنازع ماكرون مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان في كل من ليبيا وسوريا وعلى موارد الطاقة في شرق المتوسط، والآن في العراق. وقال باخوان: “ذهب آلاف الجنود والقوات الخاصة التركية إلى شمال العراق لقتال حزب العمال الكردستاني المصنّف تركياً بالمنظمة الإرهابية”، مضيفاً: “عندما يثير ماكرون السيادة العراقية، فإنه ينتقد الهجوم التركي”. 
الصحيفة التي تطرّقت إلى نقاط الشبه بين لبنان والعراق، لجهة التحركات الاحتجاجية الأخيرة والحضور الإيراني والتدهور الاقتصادي والطائفية السياسية، نقلت عن باخوان تحذيره من أنّ البلديْن “يتفككان وينهاران”، واعتباره أنّ أحدهما “لم يكتسب حساً حضارياً شاملاً بالانتماء القومي”. وفي قراءته، عزا باخوان عدم قيام دولة سيدة في العراق ولبنان إلى عوامل عدة، منها الطائفية والإرهاب والفساد الممنهج. 
في ما يتعلق بلبنان، تناولت الصحيفة الجدول الزمني الذي أعلن عنه ماكرون لتشكيل الحكومة وإجراء إصلاحات، واصفةً تحييده الراهن للاتحاد الأوروبي بـ”المفاجئ”. 

وكتبت الصحيفة: “على الرغم من أنّ ماكرون ذكر الأمم المتحدة كثيراً (في إشارة إلى المجتمع الدولي)، يبدو أنّه نسي الاتحاد الأوروبي”. من جهته، علّق باخوان على هذه النقطة مستبعداً نجاح فرنسا بمفردها على مستوى لبنان. وأوضح باخوان: “تستطيع فرنسا لعب دور إيجابي جداً بمساعدة الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. من المفاجئ أنه لم يشرِك الاتحاد الأوروبي حتى الآن، إذ يُنظر إليه (ماكرون) بصفته قائداً في الاتحاد الأوروبي”.

وبحسب ما كتبت الصحيفة، فإنّ وجهة النظر هذه تنسجم مع رؤية صحيفة “لو موند” الفرنسية التي شدّدت في افتتاحيتها على ضرورة الحصول على دعم الاتحاد الأوروبي بهدف الحد من مخاطر المغامرة الفردية، في تلميح إلى ماكرون.