حذاري.. معركة سد بسري لم تنتهِ: سقط التمويل ولم يسقط المشروع

5 سبتمبر 2020
حذاري.. معركة سد بسري لم تنتهِ: سقط التمويل ولم يسقط المشروع

منتصف ليل الرابع من أيلول 2020 لم يكن زمنًا عابرًا كغيره بالنسبة لتلك البقعة الجمالية الأثرية البيئية التاريخية من لبنان، والمسمّاة مرج بسري. منتصف ليل الجمعة كان حدّا فاصلًا، إمّا لاستكمال العمل سد بسري الخلافي أو إلغاء التمويل، كونه شكّل انتهاء المهلة الممدّدة التي منحها البنك الدولي للحكومة اللبنانية لإستئناف أعمال السدّ تحت طائلة إلغاء التمويل. وكون الحكومة لم تنجز البنود، ولم تباشر البدء بأعمال السد، تحت ضغط أهالي المنطقة والمجتمع المدني والأحزاب المعارضة للمشروع، أبلغها البنك الدولي قراره بإلغاء المبالغ غير المصروفة من مشروع السد.
وكيل قضية سد بسري المحامي سليمان مالك أوضح في حديث لـ “لبنان 24” أنّ البنك الدولي وفق البيان الصادر ألغى التمويل المتعلق باستكمال المشروع، وبالتالي لم يتم إلغاء مشروع السد. “ما حصل بمثابة إلغاء جزئي متعلق فقط بعدم إمكانية توفير الأموال، ولكن نحن لن نكتفي بذلك، لأنّنا نطالب بإلغاء رسمي للمشروع، كي لا يكون هناك إمكانية لإستكمال المشروع في المستقبل عندما يتوفر التمويل”. أضاف مالك “موقف البنك الدولي بنّاء، ونحن نبني عليه لاستكمال المسار القانوني للقضية،  بأن يأخذ مجلس شورى الدولة موقفًا حازمًا، كون الأسباب الموضوعة أمامه وفقًا لتقارير علمية، أوسع وأشمل من الأسباب التي ارتكز إليها البنك الدولي لوقف التمويل”.   
بدوره النائب بلال عبد الله الذي قدّم باسم اللقاء الديمقراطي اقتراح قانون لتحويل مرج بسري الى محمية طبيعية في شباط الماضي، علّق على وقف البنك الدولي تمويل المشروع عبر “لبنان 24” قائلًا ردًا على تهنئتنا “نصف مبروك، فالمعركة لم تنتهِ بعد، ونحن بانتظار التأكيد الرسمي والنهائي من البنك الدولي، الذي مدّد في السابق المهل فور نهايتها أكثر من مرّة، وقد يكون متواطئًا في مكان ما”. عبد الله أكدّ أنّ الحزب الإشتراكي سيستكمل نضاله لإلغاء مشروع سد بسري وليس الإكتفاء بوقف التمويل، موضحًا أنّهم تشريعيًا يتابعون مسار اقتراحهم الذي نوفش في لجنة البيئة النيابية ” نحن ننظر إلى ما حصل كفرصة مناسبة لتحويل المرج إلى محمية كما نصّ عليه اقتراحنا والإستفادة منه، بما يرتبط بقانون الإطار المتعلق بالمحميات، بحيث يجب أن تتشكّل هيئة من صلاحياتها استثمار الأراضي الزراعية بإطار قانون الشراكة مع القطاع الخاص، والإستفادة من الآبار الجوفية المائية الموجودة في منطقة المرج، وهي بكميات هائلة وفق الدراسات العلمية، والإستفادة منه كمنتزه طبيعي، علّه يشكّل متنفسًا جبليًا للناس لاسيّما وأنّهم صادروا الأملاك البحرية. وبالتالي الإستملاكات التي حصلت في منطقة السد هي ربح للدولة  تُستثمر أفضل استثمار، ومن خلالها يمكن للدولة أن تحمي أكبر بقعة جغرافية خضراء في لبنان، وتحمي كذلك الآبار الجوفية والآثار التاريخية في مرج بسري”.   
إذن معركة بسري لم تصل إلى خواتيمها النهائية السعيدة، على رغم أهمية ربح هذه الجولة، وستستكمل بمسار تشريعي عبر إقرار اقتراح الإشتراكي، وبمسار قضائي عبر القرار المنتظر عن مجلس شورى الدولة.  وهنا نشير إلى أنّ مالك وكيل القضية كان قدّ قدّم طعنًا بالمشروع  أمام مجلس شورى الدولة عام 2015 ، وبالتالي بات لزامًا على شورى الدولة أن يبتّ بمراجعات الإبطال الثلاثة التي تقدمّ بها مالك منذ خمس سنوات. في هذا السياق لفت مالك أنّه تمّ إدخال المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، وقدّمت جوابها إلى شورى الدولة “سنطّلع عليه الإثنين المقبل، لنرى ما إذا كان موقفها يعزز رؤيتنا بالنسبة للمياه، وحاجتها المصلحة للمياه في مشاريع توليد الطاقة، وما إذا كان بإمكانها تأمين المياه لبيروت أم لا. وهناك أيضًا مسألة إنتهاء صلاحية تقييم الأثر البيئي، بحيث لم يتم إعادة تحديثها وفق الأصول عبر اللجان المختصّة. كلّها مسارات قانونية خاضعة للنقاش وسنستكملها وصولًا إلى إبطال مرسوم مشروع سد بسري وإلغائه بشكل رسمي وقانوني أمام القضاء اللبناني، بناءً على أسباب علمية وقانونية، وكي لا يكون هناك أي مجال في مرحلة لاحقة لإعادة إحياء المشروع”.
يُضاف إلى المسارين القانوني والقضائي ونضال الناشطين البيئيين، أنّه بعد الرابع من آب سيصعب على عاشقي الصفقات والسدود الفاشلة أن يستكملوا مشاريعهم الفاشلة، وهدرهم للأموال في صفقات مشبوهة، خصوصًا وأنّ المجتمع الدولي وضعهم تحت مجهره، وممثلو الجهات المانحة اتهمتهم بالفساد بلغة صريحة ودون قفازات، ولوّحت بوضع أسمائهم على قوائم العقوبات. 
يبقى أنّ الأنظار وبعد إيقاف تمويل سد بسري، تتجه إلى موقف القضاء بالدرجة الأولى بعد سنوات من المماطلة، علّه يحزم أمره ويصدر قراره، وإلى موقف الجهات الرسمية، خصوصًا الحكومة العتيدة التي عليها أن تثبت تغييرًا في التعاطي مع الملفات الداخلية، والتحدي الأول أمامها سيكون سدّ بسري، فهل ستطلب من البنك الدولي مهلة إضافية كما فعلت حكومة دياب؟ أم ستصغي للآراء العلمية وأصوات الأهالي والمجتمع المدني والبلديات، وتباشر بتحويل المنطقة إلى موقع محمي؟.