بعد جهد شعبي جهيد، وتحركات لا تعد ولا تحصى، واعتصامات امتدت شهورا، نفّذها الثوار واهالى المنطقة، لم تخل من الخشونة والمواجهات على ارض المشروع، سقط سد بسري. الشعب حقق انتصارا طال انتظاره. فبعد فرصة اخيرة اعطاها للدولة اللبنانية منذ قرابة الشهرين، أفادت وكالة “رويترز” اليوم أن البنك الدولي “ألغى صرف 244 مليون دولار لمشروع سد بسري في لبنان.
وكانت الحملة الوطنية للحفاظ على سد بسري أصدرت بياناً منذ ساعات، جاء فيه “وردنا بأنّ الإدارة العليا للبنك الدولي في واشنطن رفضت أي تمديد إضافي لمشروع السد. لذلك، تعلن الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري سقوط صفقة السد بإرادة الشعب اللبناني. فهنيئاً للبنان بمرج بسري. مبروك”.
في المقابل، لم يسقط هذا النبأ بردا وسلاما على عرّابي المشروع، وعلى رأسهم التيار الوطني الحر. فقد غرّد رئيسه النائب جبران باسيل عبر “تويتر” اليوم قائلاً: “سيأتي يوم تطالب فيه الدولة اللبنانية ومعها كل أهالي بيروت وجزين وصيدا والشوف وبعبدا وعاليه بتمويل سدّ بسري، سيسقط النكد السياسي وستظهر الحاجة للمياه، عندها لن ينفع البكاء، ولن يجدي إلّا تأمين قرض جديد لنعود إلى نفس السدّ وبنفس الشروط، ولكن بكلفة أعلى بكثير… هكذا أفلسوا لبنان”.
بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية” فإن ما جرى على “ضفاف” هذا السد، يمكن استقاء عبر ودروس عدة منه، لعلّ أهمّها ان تمسّك الشعب بقضية ما، ودفاعه عنها حتى الرمق الاخير لا يمكن الا ان يثمر، سواء كانت قضية سياسية او بيئية او انسانية. فلا بد من التذكير ان الثوار والاهل، لم يغادروا مرج بسري منذ شهور ورابضوا فيه مانعين باللحم الحي، الجرافات والآليات من تنفيذ المشروع، ففازوا في الحرب التي خاضوها ضد السلطة ومشروعها.
أما الدرس الثاني، تضيف المصادر، فيجب ان تكون فهمته القوى السياسية، بأنها لا يمكن ان تستمر في فرض مشاريعها الخاصة على الناس، بالقوة، سيما اذا كانت خطرة بيئيا، ومكلفة ماليا، وغير مضمونة النتائج عمليا. فالفريق المسؤول عن وزارة الطاقة والمياه منذ اكثر من عقد، عنينا التيار الوطني الحر، لم يتمكن حتى الساعة من تحقيق إنجاز واحد في اي من المشاريع التي نفّذها، لا بل أثبتت فشلا قويا، لعلّ أبرزها في سد المسيلحة الذي دمّر مساحات واسعة من نهر الجوز التاريخي في البترون، من دون اي مردود مائي!
من موقف باسيل، تتابع المصادر المعارضة نستنتج انه ليس في وارد الاقرار بالهزيمة، أو بفشل البرامج التي وضعها فريقه وحمل لواءها عاليا وكلّفت الخزينة الملايين، اذ هو بدا يكابر ويتحدّى بأن ” سيأتي يوم تطالب فيه الدولة اللبنانية ومعها كل أهالي بيروت وجزين وصيدا والشوف وبعبدا وعاليه بتمويل سدّ بسري”… هذا غير مهم، تضيف المصادر، الاهم ان المشروع طويت صفحته. والاهم ايضا، ان تنجح الضغوط الشعبية والدولية الممارسة اليوم على السلطة، في وضع حد لمشاريع مماثلة كثيرة، أكدت الدراسات والخبراء، عدم جدواها، وأهمّها معمل سلعاتا لانتاج الطاقة… ففيما افيد ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون نصح في الورقة الفرنسية الانقاذية، بالتخلي عنه… هل سيكون له وللناس ما يريدون؟ وهل سيرضخ لهم العهد والفريق الحاكم؟ هذا هو المطلوب، ومن بعدها، فليغرّدوا عبر تويتر عن “الندم والبكاء حيث لا ينفع البكاء”، لا بأس! تختم المصادر.