كتب وليد شقير في “نداء الوطن”: هناك خطّة “ب” في شأن تأليف الحكومة، في حال استمرّت محاولات عودة حليمة إلى عاداتها القديمة، بتغليب نهج التسلّط تارة، والتذاكي تارة أخرى، والإنتهازية الصغيرة تارة ثالثة، واعتماد الباطنية لتغطية سلوك يُعاكس الأقوال لأهداف نفعية تكرّس المحاصصة بطريقة مواربة. فهناك محاولة لادّعاء تسمية وزراء مستقلّين، يكون قرارهم مرهوناً بقيادات ملّ منها الناس، ومناورات تُعاكس معايير المجتمع الدولي.
الخطّة “ب” تقضي بأن يعتذر الرئيس المكلّف الدكتور مصطفى أديب عن المهمّة، إذا رُفضت تشكيلة حكومية تُشبهه، وتُشبه المواصفات التي ملأت آذان اللبنانيين من شِدّة تكرارها منذ 17 تشرين الأول: حكومة مستقلّين غير حزبيين من الكفاءات التي لا شُبهة على ماضيها، في انصياعها للصفقات المالية باسم الحقوق الطائفية، ولا لُبس على امتناعها عن الإلتحاق بالمحاور والسياسات التي أخذت البلد إلى العزلة.
سلاح الموقف هذا، يبدو الخيار الذي تلازم اتّخاذ القرار به مع إعلان تسمية أديب. وهو خيار يرتكز فيه الرئيس المكلّف على تأييد رؤساء الحكومة السابقين ومن معهم بمن فيهم دار الفتوى، وإلى الدعم الفرنسي المجاز دولياً، الذي ميّز تكليفه. فالرئيس إيمانويل ماكرون نفسه لمّح إلى الخطّة “ب” من جهته إذا وجد عرقلة، حين أكّد أنّه سيُسمّي من يُعيق إطلاق العملية السياسية بالمواصفات المعروفة، وسيستخلص النتائج في ضوء ذلك. وهو الخيار الذي قصده الرئيس سعد الحريري في مداخلته خلال اجتماع القيادات السياسية مع ماكرون، حين قال إنّ “أي تأجيل في تشكيل الحكومة، أو أيّ محاولات سياسية لفرض أشخاص فيها، أو حتّى أي عرقلة لبرنامج الإصلاحات بعد تشكيلها، فإنني سأسحب يدي بالكامل”. فهؤلاء مثلما كانوا شركاء في التسمية، وضعوا سيناريو المشاركة في الخروج منها مع أديب نفسه، إضافة إلى قرار بعدم تكرار تسمية أي بديل جديد. الرئيس المكلّف بات يستند في سلاح الموقف، إذا مرّت مهلة الأيام الـ 15 (بعد 8 أيام)، من دون أن تتوقّف محاولات فرض صيغ وأسماء عليه، إلى تأييد البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الذي دعاه أمس إلى “تشكيل حكومة طوارئ مُصغّرة توحي بالجدّية والكفاية والأمل، يثق بها الشعب، ولا تسأل ضمانة أخرى“. تخضع الخطة “ألف”، أي تأليف الحكومة وِفق الإلتزام الذي قطعه سائر القادة السياسيين لماكرون، لمناورات مُتعدّدة. قد لا يكون بعض ما تسرّب منها صحيحاً، خصوصاً وأنّ بعض من نُسبت إليهم، حول حجمها والحقائب والتسميات… نفوها.إلا أنّ البازار الذي يجري إقحام مصطفى أديب فيه يُخضع تركيبة الحكومة إلى الأساليب القديمة نفسها، تارة تحت شعارات المداورة في الحقائب، وأخرى تحت إسم الحكومة المنتجة والفاعلة، وثالثة تحت حجّة الميثاقية… في وقت يؤكّد من يعرفون ملابسات تكليف أديب أنّه لا ينوي الأخذ بخطوط حمر تُفرض عليه، سواء بحجّة التمثيل الطائفي، أو بحجّة تسوية واقع إقليمي معيّن، لإدراكه بأنّ الشارع والمجتمع الدولي سيُفنّد الأسماء والحقائب ودلالاتها. وعلى النتيجة، سيتقرّر مستوى الدعم المطلوب لمنع الإنهيار الذي تُقاس مدّته بالأسابيع. وهو دعم سيكون شحيحاً في كلّ الأحوال، لا يتجاوز الـ 3- 4 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، هذا إذا عجّلت الحكومة العتيدة في مفاوضاتها معه.أبرز مناورات الإبتزاز في التأليف هي ترك “التيّار الوطني الحرّ” يكثر من مطالبه غير المقبولة، ليتبرّأ “حزب الله” منها ويترك أمر معالجتها لباريس، ليحصل هو في مقابل “تخلّيه” عن الحليف الثقيل، على ما يريد.