حلم الانتقال بالمرفأ من ‘مزرعة’ الى ‘مؤسسة’!؟

12 سبتمبر 2020
حلم الانتقال بالمرفأ من ‘مزرعة’ الى ‘مؤسسة’!؟

كتب جورج شاهين في “الجمهورية”: بعد مسلسل التجارب المذهلة غير المسبوقة التي عاشها مرفأ بيروت وما قادت اليه من نكبات، ارتفع الصوت عالياً للإنتقال بادارته من “مزرعة” الى”مؤسسة”، وهو امر بات ملحّاً لمنع تكرار ما حصل منذ 4 آب ووقف مسلسل التجارب التي سدّت الطريق الى استعادة الثقة بإدارة مرفق حيوي بهذا الحجم. ولذلك طرح السؤال عمّا هو مطلوب من مقومات تضمن الانتقال الى تلك المرحلة؟

على وقع سلسلة المهازل المرتكبة في كثير من المؤسسات والقطاعات الرسمية، وعلى اكثر من مستوى، يبدو واضحاً انّ معظم اللبنانيين فقدوا الثقة بالدولة ومؤسساتها وبإمكان تطبيق القوانين والأنظمة التي ترعى العمل في كثير منها. وبات معظمهم على موعد شبه يومي، مع سيل من المفاجآت المستنسخة عن الأفلام المكسيكية بحلقاتها التي لا تنتهي. فإلى ما تركته الأزمة الاقتصادية والنقدية، وتلك التي جاءت بها جائحة كورونا من آثار سلبية على حياتهم، جاء انفجار المرفأ في 4 آب، ليرسم اكثر من علامة استفهام حول قدرة المسؤولين على إدارة شؤون الناس وحماية ارواحهم في منازلهم ومكاتبهم وعلى الطرق، وتوفير ابسط مقومات العيش في لبنان.

وبعيداً مما يمكن ان يتناول مختلف وجوه حياة اللبنانيين، فقد توقفت مراجع معنية امام هول ما يجري في مرفأ بيروت، من مظاهر الفشل في حماية ما تبقّى من منشآته ومحتوياته. وما زاد في الطين بلّة، ما تسبّبت به مجموعة الحرائق التي تجدّدت في العنابر والمنطقة الحرّة القريبة من موقع التفجير، لتزيد من مخاوف اللبنانيين، وتلقي الضوء على المخاطر الناجمة عن إدارة المرفأ بطريقة غير مألوفة في المرافق العامة والمؤسسات الشبيهة. فالتضارب في الصلاحيات بين الهيئات الإدارية والمالية والجمركية والأمنية، بلغ الذروة، وكشف كثيراً من الفساد المتنامي، قياساً على حجم الفضائح المرتكبة، في ظلّ «هيئة مؤقتة» ما زالت تتحكّم بإدارته منذ ثلاثة عقود بطريقة عشوائية، تنمّ عن مخاطر بدأ اللبنانيون يعيشون فصولاً رهيبة منها.

ولذلك، فقد سجّل عدد من المسؤولين الذين عايشوا المراحل الذهبية للمرفأ استغرابهم للصمت الرسمي على ما يجري فيه، والقصور في وضع حدّ له، وهو ما سهّل حصول ما حصل في الرابع من آب، وما تسبّب به من مجازر ونكبات، وما تلاه من أحداث مقلقة.

وعند البحث عن البدائل لما هو قائم وطريقة تجنّب مزيد من الكوارث، فقد وزعوا المسؤوليات على مختلف الأطراف المعنية بالمرفأ، من اعلى الهرم الرئاسي والوزاري الى ادنى المستويات الادارية والأمنية، وهو ما لامسه المجلس الأعلى للدفاع في اجتماعه امس الاول للمرة الأولى، بتكليف لجنة وزارية – ادارية – امنية ومالية، للانتقال بإدارة المرفأ من كونه «مزرعة» للفاسدين من مختلف الاطياف، الى مؤسسة عامة أو مشتركة بين القطاعين العام والخاص، تسمح بتحديد المسؤوليات عند حصول امر ما، اياً كان شكله ونوعه.