هذه المرة، يلعب الرئيس المكلف مصطفى أديب “صولد” في مواجهة الجميع.
فالرجل يدرك تمام الادراك أنه الآن الورقة الفرنسية الرابحة في الميدان اللبناني، وأن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لن يترك مبادرة بحجم تلك التي يقترحها لحل المعضلة اللبنانية تفشل، وهو الذي أقر من بيروت بأنه “يضع على الطاولة الشيء الوحيد الذي يملكه: رصيده السياسي” .
وتبعا لهذه الوقائع التي ما عادت محل جدال، نسب إلى الرئيس المكلف كلام لم يصدر أي نفي في شأنه من جانب أديب، يفيد بأن هذا الأخير قد يقدم على الاعتذار عن المهمة الدقيقة التي كلف بها، ما لم تجر الرياح الحكومية بما تشتهي سفنه، ما يعني أنه يعتزم التصدي لأي محاولة تهدف إلى عرقلة مشروعه القائم على تأليف حكومة مصغرة من اختصاصيين مستقلين. موقف يلتقي عليه مع الرئيس ماكرون الذي يسعى من وراء هذه المبادرة إلى تكريس دور بلاده في المشهد اللبناني، وتفعيل الحضور الفرنسي الدولي، مستفيدا من فراغ انتخابي أميركي لا يزال طويلا.
وفي قراءة لهذه الصورة، اعتبرت مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية” أن الرئيس أديب حفظ الأمثولة وفهم جيدا تجربة الرئيس حسان دياب الذي لم يتوان حلفاؤه عن التخلي عنه في أكثر اللحظات حراجة إلى حد تركه يغرق وحيدا في مستنقع الغضب الشعبي بعد فاجعة انفجار المرفأ مع العلم بأنه كان يعتدّ بأن حكومته نجحت في تسجيل انجازات تصل نسبتها إلى 97% من البيان الوزاري.
وأعربت عن اعتقادها أن أديب لن يسمح لنفسه بالوقوع في هذا الفخ، أو على الأقل ليس قبل تأكيد وصوله إلى السراي بزخم دولي واكبه رؤساء الحكومات السابقون بغطاء سني قاد أديب سريعا إلى دار الفتوى ليمنح نوعا من الشرعية التي حرم منها دياب طويلا.
وفي السياق، أشارت المصادر إلى أن تلويح أديب بالانسحاب المبكر والاعتكاف عن أداء المهمة يعد رسالة مباشرة إلى الثنائي الشيعي، على رأسهم حركة أمل، التي أطلقت معركة الاحتفاظ بوزارة المال، تحت ستار ميثاقية يختلف الكثيرون في تفسير مفهومها وارتداداتها السياسية والطائفية، معيدة اغراق البلد في محاصصات تحل في غير زمانها ومكانها، لتحول المواقع الوزارية من فرصة لخدمة الناس وخيرهم العام إلى جوائز ترضية تتقاذفها القوى السياسية بشكل غير مبرر.